لم يكن أحد يعرف أو يسمع باسم ريدوان في المغرب قبل سنوات، إلى أن جاء مقطع من أغنية “واكا” لشاكيرا في مونديال جنوب إفريقيا، ليثير الجدل حوله (بسبب قصة حميدة وتخسار الهضرة التي تداولها العديدون في مواقع التواصل الاجتماعي)، ثم في مهرجان “موازين” الذي جلب إليه نجوما عالميين بحكم علاقته المهنية بهم، قبل أن يحصل على وسام ملكي، ثم حين اشتغل مع أحمد شوقي وبعده الشاب خالد وهلم فنانين ونجوما وتظاهرات عالمية، أصبح اسمه فيها متداولا بشكل كبير.

أعجب الكثيرون بالرجل، إعجابهم بجميع قصص النجاح (ساكسس ستوري)، وتعاطفوا معه خاصة حين استمعوا إلى قصة معاناته وفقره قبل الوصول إلى الشهرة والنجومية والنجاح والثروة، هو القادم من مدينة تطوان المهمشة في الشمال، ليحقق الحلم الأمريكي، بالذات والصفات.

عبر ريدوان في تصريحاته دائما عن حب كبير للوطن، رغم أنه لم يمنحه شيئا قبل أن يغادره. كان يصر ولا زال، على الحديث بالدارجة المغربية المطعمة باللكنة الشمالية، في تشبث قوي بالهوية، ولا يفهم لم يصر بعض المغاربة على أن يرطن بالفرنسية أو الإنجليزية.

بدأ الجميع يتحدث عن “إبداعاته” مع نجوم كبار تعامل معهم، وأصبحنا نسمع عن أغانيه مع جنيفر لوبيز ومع ليدي غاغا، رغم أن غالبيتها ليست معروفة أو مشهورة جدا، وبدأنا نفتخر، كعادتنا، بهذه الموهبة المغربية التي وصلت إلى “العالمية”، والتي منها “عدد”، في الولايات المتحدة الأمريكية وفي غيرها من بلدان العالم، لكن لم تؤاتها الفرصة لإلقاء الضوء عليها، فظلت غير معروفة لدى المغاربة رغم أنها “سوت الهوايل” في بلاد الغربة، ولعل المواهب الكروية التي أبانت عن علو كعبها في مونديال قطر، لخير دليل على ذلك.

“ما علينا”. بعد أن سوق ريدوان لنفسه جيدا، أصبحنا نراه أينما التفتنا. أصبح يفرخ الألحان والتوزيعات الموسيقية مثل بائع بطاطا، (مع كامل احترامنا للبطاطس التي ارتفعت أسعارها في السوق) دون أن نعرف إن كان هو شخصيا وراء كل ما ينتج باسمه، أم لديه فريق من الموزعين المجهولين الذين يشتغلون إلى جانبه ولا يعرفهم أحد. فكانت النتيجة توزيعات متشابهة متكررة لا إبداع فيها ولا حس فني.

أصبح الجميع يتهافت عليه، خاصة بعد الوسام الملكي ومهرجان “موازين” الذي لا أحد يعلم كم ربح من وراءه. ثم أراد أن يغني، فأدى أغنية فاشلة، ثم قام بعمليات تجميل وبدأ يتعرف على “الشوبيز” المغربي وينشر “الستوريات” على إنستغرام، مثله مثل ليلى حديوي وعصام وشمة. ثم فجأة، ودون سابق إنذار، فتحت أمامه سوق الخليج، التي دخلها “طولا وعرضا” بعد أن أغرته أموال البيترو دولار وعروض الشيوخ وأصحاب العمائم السخية، إلى أن ظهر علينا من جديد، وإلى ما لا نهاية، في المونديال القطري، بكامل “تألقه” المكرور، قبل أن يعلنوا لنا، مرة أخرى، أنه سينتج الأغنية الخاصة بالموندياليتو الذي سيقام على أرض المغرب، وكأن ليس في هذا البلد السعيد موهبة غيره.

لم يكن الرجل في الموعد مع هذه الأغنية “المنحوسة”، رغم أن التظاهرة عالمية وتأتي مباشرة بعد إنجاز المنتخب المغربي في مونديال قطر والإقبال العالمي الذي أصبح على المغرب بفضل ذلك. ربما لأنه لم يتقاض عنها أجرا من جامعة الكرة، (تقاضاه من فيفا حسب مصادر مؤكدة)، انشغل عنها ولم يمنحها وقته الكافي ولم يحضر تصويرها وترك الفنانين المشاركين فيها يرتجلون ويدبرون خلافاتهم بما “تيسر”، في غياب تام للمهنية المفروض أن تتوفر في إنتاج وتصوير مثل هذه الأعمال التي لها علاقة بسمعة وصورة الوطن.

و”زاد كملها وجملها” السي ريدوان في الندوة الصحافية التي نفى فيها وجود خلاف بين فنانين مشاركين، قبل أن يمنح الكلمة لأمينوكس، في مبادرة لأكل الثوم بفمه، من أجل أن يكذب على الجمهور قبل أن يعود هو نفسه لنشر تدوينة “غاضبة” على مواقع تواصله الاجتماعي، بعد أن علم أن الأغنية لن تعرض في الاختتام مثلما وعد منتجها “العالمي”.

الحاصول، اللي بغينا نقولوه… نقبوا على مواهب حقيقية في هذا البلد، وامنحوها الفرصة وافتحوا في وجهها الأبواب لتبدع وتتألق. باراكا علينا من ريدوان وأشباهه الذين استهلكوا في جميع المجالات، إلى أن طغى “تبزنيسهم” على إبداعاتهم.