فضلت الفلسطينية رائدة طه أن تحمل قضية شعبها على خشبة المسرح لا في الحقيبة الدبلوماسية، إذ أراد الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لمن كانت مساعدته أن تصبح سفيرة، لكنها اتجهت إلى التمثيل والكتابة والإخراج، واعتمدت النقد الذاتي الساخر في مقاربتها وأعمالها التي قدمت اثنين منها في بيروت أخيرا .
وتمزج طه الحزن بالضحك، والجرأة بالرقي، والبساطة بالعمق، في مسرحيتين من نمط المونودراما أعادت تقديمهما في بيروت، هما “ألاقي زيك فين يا علي” من إخراج لينا أبيض، و”شجرة التين” التي كتبتها وتولت إخراجها بنفسها وسبق أن عرضتها في المخيمات الفلسطينية.
في الأولى، تروي علاقتها بوالدها علي طه الذي قتل خلال مشاركته في 8 ماي 1972 في عملية خطف طائرة بلجيكية متجهة من بروكسل إلى تل أبيب، نفذتها منظمة “أيلول الأسود” للضغط من أجل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وتتوقف طه في هذه المسرحية عند حياتها في لبنان الذي لجأت إليه في 1970، والرعاية التي وفرها لها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية يومها ياسر عرفات بعد مقتل والدها، واسترداد جثه.
وتقول رائدة طه لوكالة “فرانس برس” إن رسالة “ألاقي زيك فين يا علي” التي عرضتها للمرة الأولى عام 2015، “لا تزال صالحة بعد 74 عاما من الاحتلال الإسرائيلي”. وشاءت هذه السنة إعادة تقديمها تحية لوالدها في ذكرى مرور خمسين عاما على عملية “سابينا 571”.
وطه، التي لا تستطيع أن تنقطع عن بيروت لأن قلبها “نصفه لبناني ونصفه الآخر فلسطيني”، تصف مسرحيتها بأنها قصة حياتها، “لكنها تعكس قصة مجموعة كبيرة من الفلسطينيين”.
وتحرص الفنانة الخمسينية التي فقدت والدها وهي في سن السابعة، على أن تتناول المسألة الفلسطينية “من زاوية راقية وإنسانية وحقيقية لأن قضيتنا في الأساس هي قضية إنسانية”، على ما تؤكد.
في مسرحها، تنتقد طه بذكاء وتسخر من نفسها، وتشرح أنها تخطت “مرحلة التصفيق للفلسطيني لأي شيء”. وتقول “إذا لم نستطع أن ننتقد أنفسنا وأن نتنقد مرحلة طويلة مررنا بها كلفت الكثير من المعارك والشهداء والمجازر، وإذا لم نضع الإصبع على الجرح، نكون كأننا نخدع أنفسنا. فالنقد الذاتي مطلوب لأننا لسنا معصومين”. وتضيف “يجب أن نكون فخورين بقصصنا، بنجاحاتنا وفشلنا. العربي يحب دائما أن يبيض صورته، من دون أن يتناول الفشل، لذلك يبتعد عن الحقيقة. أنا أتطرق إلى جزء صغير من القضية الفلسطينية، لكنني أتناوله بكل أبعاده وزواياه”.
وترى طه أن “لا ثورة مثالية في العالم. فالثورة تبدأ بفكرة سامية وشعارات، لكن على طريقها يتساقط البعض ويخطئون، وأنا لا أريد أن أسكت عن هذا الخطأ، بل أن أتكلم عنه (…) لنصل الى إصلاحه”.
التعليقات 0