تقرير يكشف توسيع الجزائر لقمع معارضيها في المنفى
"القمع العابر للحدود".. تقرير دولي يفضح توظيف الجزائر لأذرع دبلوماسية ورقمية لإسكات معارضيها في أوروبا

سلط تقرير جديد لمنصة African Arguments الضوء على تنامي ظاهرة “القمع العابر للحدود” التي باتت تعتمدها أنظمة سلطوية حول العالم، وعلى رأسها الجزائر وإريتريا، بهدف ملاحقة المعارضين السياسيين والمثقفين في المنافي الأوروبية، في ما يشبه تحولا خطيرا نحو تصدير القمع خارج الحدود الوطنية.
وبحسب التقرير، تلجأ السلطات الإريترية إلى توظيف شبكاتها الدبلوماسية وميليشياتها الخاصة لتتبع معارضيها في القارة الأوروبية، فيما تبنت الجزائر، من جهتها، أساليب موازية تستهدف أساسا النشطاء المنحدرين من منطقة القبائل، مستخدمة في ذلك أدوات أمنية واستخباراتية واسعة النطاق.
“جيوش رقمية” وتحريض منسق في الفضاء الرقمي الأوروبي
وفي سياق أكثر تعقيدا، كشفت تقارير استخباراتية فرنسية عن وجود شبكات إلكترونية منظمة توظفها الجزائر في أوروبا، تتشكل من مؤثرين وجيوش رقمية، هدفها نشر الكراهية والتحريض والتضليل الإعلامي ضد المعارضين. وتبين أن بعض هؤلاء المؤثرين تم تجنيدهم من قبل البعثات الدبلوماسية الجزائرية، ما يشكل تهديدا صريحا للأمن المعلوماتي والسلم الاجتماعي في البلدان الأوروبية المستقبلة.
وربط التقرير هذا الأسلوب القمعي الممنهج بتحالفات استراتيجية بين الجزائر وبعض الأنظمة الاستبدادية، وفي مقدمتها إريتريا وروسيا، حيث تستورد الجزائر غالبية أسلحتها من موسكو، وتشارك في مناورات عسكرية مشتركة، ضمن ما بات يعرف بمفهوم “الحرب الهجينة”، والتي تمتد من ساحات المعارك إلى الفضاء الرقمي والدبلوماسي.
وأشار المصدر إلى أن البروباغندا الرقمية، وتلفيق تهم الإرهاب، والملاحقات الإعلامية الممنهجة أصبحت أدوات مألوفة لتقويض حرية التعبير واستهداف المعارضين، ضمن منظومة قمع معولمة تتجاوز الحدود الجغرافية وتستغل ثغرات القانون الدولي.
قضية بوعلام صنصال.. صورة مثقف في زمن القمع العابر للقارات
واستشهد التقرير بحالة بوعلام صنصال، الكاتب الجزائري المقيم في أوروبا، باعتبارها نموذجا لمعاناة المثقفين في ظل أنظمة تسعى لإسكات الأصوات النقدية خارج الحدود، حيث أضحت قضيته رمزا لصراع المعارض مع آلة سياسية توظف أدوات دبلوماسية وأمنية وإعلامية للنيل من الكلمة الحرة.
حماية المنفيين.. لم تعد قضية حقوقية بل أمن قومي
وخلص التقرير إلى أن حماية المعارضين السياسيين والمنفيين لم تعد مجرد مسألة حقوقية إنسانية، بل أصبحت قضية أمن قومي أوروبية، تتطلب مواجهة حازمة مع الأنظمة التي تمارس “الاضطهاد العابِر للحدود”، وذلك دفاعا عن قيم حرية التعبير، وكرامة الإنسان، وسيادة القانون داخل الدول الديمقراطية.
هذا التحول الخطير، كما وصفه التقرير، يستدعي يقظة أوروبية ومراجعة شاملة للسياسات الأمنية والدبلوماسية، من أجل قطع الطريق أمام تحالفات القمع الجديدة، التي أصبحت تهدد ليس فقط المعارضين، بل بنية الحرية في العالم المعاصر.
تعليقات 0