الجزائر تندد بالعدوان وتحذر ضحيته.. موقف يثير السخرية
بيان الخارجية الجزائرية يخلط بين الإدانة والتحذير في موقف يثير علامات استفهام

في مشهد دبلوماسي مربك، أصدرت الجزائر بيانا رسميا يوم أمس، أعلنت فيه إدانتها للهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مواقع داخل إيران، واصفة إياه بـ”العدوان السافر” و”الخرق الصريح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”. غير أن الموقف الجزائري سرعان ما أثار جدلا واسعا، بعدما حمل البيان ذاته تحذيرا صريحا لطهران من مغبة الرد العسكري، في مفارقة وصفت من قبل متابعين بأنها “دعوة لعدم الدفاع عن النفس في وجه المعتدي”.
البيان الجزائري، وإن بدأ بلغة إدانة واضحة تجاه العدوان الإسرائيلي، إلا أنه سرعان ما انزلق إلى لهجة توبيخية تجاه طهران، حيث حذرها من “مجاراة غطرسة وتجبر الاحتلال الإسرائيلي“، في ما بدا وكأنه تحميل غير مباشر لإيران مسؤولية أي تصعيد محتمل، رغم كونها الطرف المعتدى عليه.
ولم يفوت البيان فرصة التأكيد على ما سماه “الغياب المستمر للمحاسبة الدولية لإسرائيل”، معتبرا أن الأخيرة تمضي في سياساتها التوسعية على حساب الأمن الإقليمي، دون رادع فعلي من المجتمع الدولي.
تبدل في النبرة.. وتحولات في التموضع
واللافت أن هذا التحول في الخطاب الجزائري يأتي بعد أقل من عام على بيان سابق كانت فيه الجزائر قد أعربت عن “تضامنها الكامل مع إيران” عقب هجمات مماثلة. ما يوحي بتحول دقيق في النبرة الدبلوماسية الجزائرية، وانعكاس واضح لما وصفه مراقبون بـ”ارتباك استراتيجي” في تموضع الجزائر الإقليمي، خصوصا بعد تراجع قوة النظام السوري، الذي كان يشكل أحد أبرز حلفائها التقليديين.
تحذير يغضب الحلفاء ويربك الموقف
وردود الفعل لم تتأخر، حيث اعتبرت بعض الصحف الإيرانية القريبة من الحكومة أن لهجة الجزائر “انتهازية”، وتتنافى مع مواقف سابقة كانت توصف بالداعمة لمحور “الممانعة”. كما تساءل محللون عن منطقية موقف يدين الاحتلال، ثم يلوم ضحيته على التفكير في الرد، معتبرين ذلك “قفزة دبلوماسية في الهواء”.
دعوة لمجلس الأمن.. واستعراض تقليدي
كعادة البيانات الجزائرية، اختتم البيان بالدعوة إلى “ضرورة تحرك مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته”، في مشهد وصفه مراقبون بأنه مجرد تكرار روتيني لعبارات مستهلكة لم تعد تجد صدى فعليا في الساحة الدولية.
وبينما تمضي دول كبرى في دعم حق إيران في الرد وفق ميثاق الأمم المتحدة، اختارت الجزائر أن تتموضع في منطقة رمادية، بين إدانة المعتدي وتوبيخ المعتدى عليه، في موقف يثير أكثر من علامة استفهام حول ثوابت سياستها الخارجية، ويجعل من بيانها الأخير مادة للسخرية في أوساط الرأي العام العربي والدولي.
تعليقات 0