ساهمت عدة عوامل في اندحار المنتخب الوطني بكوت ديفوار، وإقصائه بالشكل الذي تابعناه من كأس إفريقيا، من ثمن النهاية أمام جنوب إفريقيا، رغم أن أغلب المتابعين، المغاربة والأفارقة، كانوا يرشحون المنتخب للوصول على الأقل إلى المباراة النهائية.
وتوسم المغاربة خيرا في خروج أكبر المنتخبات الإفريقية، من الأدوار الأولى، أو من ثمن النهاية، معتقدين أنهم فسحوا المجال للأسود من أجل الوصول للنهائي، غير أن أخطاء ارتكبت، أثرت على مردود المنتخب وجعلته يغادر صاغرا من البطولة مبكرا، على غرار مصر وتونس والجزائر وغانا وغيرها من المنتخبات.
الدخول في جدالات عقيمة
دخل مدرب المنتخب الوطني وليد الركراكي، في جدالات عقيمة، أبرزها ما حدث في مباراة الكونغو الديمقراطية، لحساب الجولة الثانية من مجموعات كأس إفريقيا، بمجرد أنه “حنين وظريف” ويرغب في لمس يد لاعب منافس!
هاد المحنة كلفتنا “بوليميك طويل”، دخل فيه أيضا لاعبو المنتخب الذين كتبوا تدوينات ورسائل على صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، للدفاع عن مدربهم، ما أخرجهم شيئا ما من أجواء البطولة.
الغريب في الأمر، هو أن “السي” وليد الركراكي، لام “الآخر” عن هذه “البوليميك” التي أدخلنا ليها بنفسه، إذ قال في الندوة الصحافية قبل مباراة جنوب إفريقيا، إن هناك من حاول إخراج المغرب من التركيز على مباريات كأس إفريقيا، بنشر شائعات وإدخال المنتخب في جدالات عقيمة.
وبدأت هذه الجدالات بالتراشق بين عز الدين أوناحي والجمهور المصري في بداية دور المجموعات، وانتهت بتصريح “حنا نمثل المغرب وليس العرب” الذي لم يكن له داعي، مرورا ب”بوليميك” مباراة الكونغو الديمقراطية.
اختيارات خاطئة
باعترافه هو، أخطأ وليد الركراكي التقدير، بخصوص اختياراته خلال كأس إفريقيا الحالية، إذ كيف يعقل أن تعتمد على مصابين لحمل المنتخب إلى النهائي !؟
وقال وليد الركراكي خلال الندوة الصحافية بعد مباراة الكونغو، إنه لم يكن موفقا في الاختيارات البشرية، والتغييرات وسط المباراة، ما تسبب في تضييع نقطتين للأسود، بل كان سيخسر المباراة في النهاية.
ولم يستفد الناخب الوطني من درس مباراة الكونغو، وأصر على ارتكاب أخطاء جديدة أمام جنوب إفريقيا، أمس الثلاثاء 30 يناير، بإشراك لاعب مصاب، لم يشارك في أي مباراة منذ مدة، وهو نصير مزراوي، تاركا يحيى عطية الله الذي يلعب ظهيرا أيسر بالفطرة، وفي أوج عطائه، على مقاعد البدلاء.
أكثر من ذلك، عول وليد الركراكي على حكيم زياش إلى آخر لحظة، رغم علمه أنه مصاب، ولا يمكنه حمل المنتخب على كتفه طيلة 90 دقيقة، متجاهلا باقي اللاعبين الذين أتى بهم للمشاركة في “الكان”.
ولعل الطامة الكبرى، هي الإصرار على مشاركة سفيان بوفال، العائد من إصابة خطيرة، غاب خلالها عن الملاعب لأشهر طويلة، بل وأشركه أساسيا خلال مباراة الكونغو التي تعادلنا فيها بهدف لمثله، قبل أن يعلن تجدد إصابته ونهاية البطولة بالنسبة إليه، قبل مباراة جنوب إفريقيا.
بهذه الطريقة ضيع وليد الركراكي على نفسه، استدعاء أسماء تنشط في دوريات مختلفة وتمر بفترة رائعة، وبإمكانها تقديم الإضافة، عوض الاعتماد على لاعبين مصابين (دون ذكر أسماء لكي لا نذخل في جدالات عقيمة حتا حنا).
الإصرار على خطة مكشوفة
4-1-4-1 .. هي التشكيلة المفضلة لدى وليد الركراكي، والتي حفظها الصغير قبل الكبير، والعبيط قبل الفاهم! إلا وليد الركراكي الذي رأى فيها الحل لكل المشاكل ولكل المنتخبات.
الجميع بات يعلم اليوم أن المنتخب يعاني عندما يكون عليه بناء اللعب، والجميع اليوم بات يعرف أن نقطة ضعف الأسود، هي منحهم الكرة لصنع اللعب، والجميع بات يعلم اليوم، أن العودة للدفاع أمام المنتخب المغربي سيمنحك الفوز!
ما فعله هوغو بروس، مدرب منتخب جنوب إفريقيا، المتوج بكأس إفريقيا مع الكامرون قبل سنوات، درس للناخب الوطني، إذ غير خطة لعبه تماشيا مع فترات المباراة، علما انه لعب خلال منافسات كأس إفريقيا بخطط تكتيكية مغايرة، بناء على المنافس.. هاجم أمام مالي وناميبيا ودافع أمام تونس والمغرب.
قال وليد الركراكي في ندواته الصحافية، إن كأس العالم ليس هي كأس إفريقيا، لكن الرجل نسي أن يطبق ذلك على أرضية الملعب، ونسي أن مواجهة البرتغال ليس هي مواجهة الكونغو، ولا مواجهة إسبانيا مثل مواجهة جنوب إفريقيا.
موال الحرارة والرطوبة
واش كان ضروري على وليد الركراكي يذكرنا في كل مرة بالحرارة والرطوبة ؟ العالم فخبارو لاعبين في إفريقيا، والجميع يعلم أيضا أن الطقس في إفريقيا جنوب الصحراء حار ورطب … إذا فأين الجديد ؟ وما الفائدة في تذكيرنا بها في كل ندوة صحافية ؟
كان على وليد الركراكي توفير جهده في الحديث مع اللاعبين وتحفيزهم أن الجو والطقس الحار لا يجب أن يكون عائقا، وأن إفريقيا هي هادي، وإلا يالله نمشيو نلعبو في آسيا أو أوقيانوسيا !
اعتقدنا أن وليد الركراكي سيجنبنا عناء سماع هذا الموال مجددا في 2024، بعدما سمعناه من كل المدربين الذين تعاقبوا على تدريب المنتخب، وجروا من ورائهم الخيبات تلو الأخرى، لكن الرجل أراد تذكيرنا في كل مرة أننا نلعب في إفريقيا ماشي كأس العالم، ولا تنتظروا ما فعلناه في المونديال.
إفريقيا تريد محاربين لا لاعبين، والفائز باللقب يجب أن يتوفر على قوة التحمل لا قوة الكلام، والمدرب الذي يرغب في تحقيق نجاحات في هذه القارة الصعبة، يجب أن يكون ذكيا لا عاطفيا … سير عليه !
التعليقات 0