إلى ماذا ترمز البقرة في “الكليب” الجديد لسعد لمجرد؟ وعلى من تحيل “المعزة” أيضا؟ هل على “العيالات”؟ أم على “الشوا”؟ أم لتأثيث الديكور بما أن القصة تدور في “العروبية”؟ الباب مفتوح لجميع أنواع التكهنات، بما أن صاحب العمل نفسه قد لا يملك جوابا على هذا السؤال.
ما علينا… يقول سعد إن “الكليب” صور في بلده الحبيب المغرب، رغم أنه لا يظهر منه سوى “أتاي” و”خبز تافرنوت” وبعض القفاطين و”شوية ديال الجرة”، وهي تفاصيل مغربية جميلة فعلا، لكنها ظهرت في عمل سابق لن يتكرر، وبطريقة أذكى وأجمل، حين أخرجت أسما لمنور تحفتها الفنية الجميلة “عندو الزين”، إلى الوجود، رفقة المخرج المتميز أمير الرواني و”الديو” الناجح، سمير الموجاري في كتابة الكلمات ومهدي موزين في التلحين. ليأتي سعد اليوم، في محاولة ماسخة لنسخ الفكرة نفسها، لكن بدون روحها، فبدا صغيرا جدا، في حين أن موهبته أكبر بكثير.
أغنية “آش خبارك”، التي كان وراءها المبدع جلال حمداوي، رفيق الدرب مثلما قال سعد في تدوينته، لا جديد فيها، وهي إن دلت على شيء فعلى “خفة” صاحبها. إذ بدا من خلالها أن “لمعلم” يتراجع إلى الوراء، بدل أن يتقدم ويطور من أسلوبه ويأتي بشيء مختلف، شأنه شأن كل فنان يحرص على أن يتجدد في كل عمل يقدمه، ويأخذ وقته الكامل والتام قبل أن يخرج به إلى جمهوره.
سعد سبق أن أدى اللون الشعبي الجميل في رائعة “الغادي وحدو”، مع المتألق كريم زياد، حيث مزج بين “الهواريات” و”تاكناويت” في خلطة عصرية ساحرة، استقطبت جمهور الشباب وكرمت إرثا فنيا مغربيا متفردا، وسبق أن احتفى برمز من رموز الأغنية الشعبية اسمه حميد الزاهير في رائعة أخرى مع مجموعة “فناير” المراكشية العجيبة، اسمها “آسف حبيبي”، دون أن ننسى تحفته “لمعلم” بألوانها ورقصاتها وشخوصها التمثيلية، ولم يعد من حقه اليوم أن يرجع بنا إلى الوراء، لأن العمل الجديد، ليس سيئا، لكنه لا يخرج عن خانة العادي الذي لا يليق ب”نجومية” سعد، دون الحديث طبعا عن توظيف امرأة سمينة ورجل من قصار القامة من أجل منح طابع كوميدي ل”الكليب”، لا يمكن إلا أن يكون “حامضا” مثله مثل بعض سيتكومات رمضان.
ثم “واش هذا وقت الضحك”؟ مفهوم طبعا أن يكون العمل قد صور قبل إدانة لمجرد بست سنوات بتهمة الاغتصاب من قبل محكمة فرنسية، لكن ألم يكن الأجدر به أن يتريث قليلا بعد خروجه من السجن بسراح مؤقت وكفالة، وأن يمنح نفسه الوقت للتفكير وتجاوز حالته النفسية التي من الأكيد أنها في الحضيض، و”يتصنت لعظامو”، بدل أن “يزرب” على الجمهور، فقط ليقول للصديق قبل “العدو”، بأنه “ما خاصو خير وناشط وفرحان وكا يغني”.
الفنان المحترف والحقيقي والذكي الناجح الذي يبحث عن الاستمرارية هو الذي يأخذ وقته قبل الظهور أمام جمهوره، ويدرس السياق والظروف التي سيخرج فيها عمله، ويتأنى ويدقق في تفاصيل التفاصيل حتى لا يفلت شيء من بين يديه. وليس أبدا هو من “يفرّخ” الأغنية تلو الأخرى و”الكليب” تلو الآخر و”الديو” تلو الآخر، فقط ليكون حاضرا في الساحة، وكأنه يسابق الزمن لأسباب يعرفها الجميع.
ثم لماذا يصر سعد أن يهدي عمله إلى الملك ويسيء إلى سمعته، خاصة بعد أن رددت الصحافة الفرنسية ودفاع الضحية أنه “مدلل” ملك المغرب محمد السادس، وهو ما لم يكن أبدا في صالح قضيته، علما أن المحكمة أدانته بالتهمة ولم تبرءه، وما زال ينتظره استئناف وقضية أخرى مشابهة مع فتاة سان تروبي.
لا يكفي يا سعد أن تبدل “الله ينصر سيدنا” ب”الله يبارك فعمر سيدي”. “وا قلب على الملك ديال البلاد” وتوقف عن توظيف اسمه في سياق لا يليق بجلالته. راه “الأسود” اللي شرفونا في “المونديال” وما داروهاش.
التعليقات 0