أدان محمد كليوين، رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، الفضيحة الجنسية التي هزت شاطئ الجديدة والتي تم فيها استغلال أطفال في نزوات شاذة لمؤطرهم الرياضي، مضيفا “نشجب هذا السلوك ونعتبره ضمن الخطوط الحمراء التي نناضل من أجلها، حيث لا ندخر جهدا في الحفاظ على القيم الإنسانية التي نؤمن بها”.
“سطافيط” وشقة
وكشف رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، في تصريح ل”آش نيوز”، أن الخطير في قضية الاستغلال الجنسي للأطفال الضحايا، أن أسرهم كانوا على علم بأن فلذات أكبادهم، سيتم نقلهم على متن سيارة للنقل غير مؤهلة “سطافيط”، وأنهم سيبيتون في مكان خاص بعد أن أوهمهم البيدوفيل أن أطفالهم سيقضون ليال بفيلا تتوفر على مسبح، مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين 400 و 700 درهم، دون أن يستفسروا عن إجراءات حماية أبنائهم من أي اعتداء كيفما كان نوعه.
وأضاف كليوين، أن الجاني توجه بالأطفال إلى شقة صغيرة جدا، تتكون من غرفتين تم خلالها تكديس 19 طفلا، قبل أن يستفرد بالضحايا داخل مسرح الجريمة لممارسة شذوذه دون مساءلة.
مسؤولية السلطات
وحمل رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، مسؤولية الفضيحة للسلطات، متسائلا “كيف تم السماح بنقل الأطفال في سيارة “سطافيط”، وكيف غادروا العاصمة الاقتصادية؟ ومن سمح لهم بدخول الجديدة دون مراقبة؟”.
وأعلن رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، مساندته لضحايا البيدوفيل، خاصة الطفل الذي ظهر في الشريط المتداول، لما في ذلك من جرح نفسي بعد التشهير به، مشددا على أن الجامعة الوطنية للتخييم ستنتصب طرفا مدنيا في هذه القضية التي تمس بالشأن المجتمعي الذي يناضل أفراد المجتمع من أجله، وأساءت إلى مؤسسة التخييم التي تضم أطرا متمرسة اختارت العمل التطوعي لخدمة المجتمع والمساهمة في التنشئة الاجتماعية.
ضوابط المخيم
وأضاف كليوين قائلا: “للأسف مجموعة من المواقع الإلكترونية تروج على أن هؤلاء الأطفال هم ضحايا مخيم، بينما الحقيقة أن الواقعة الإجرامية بعيدة كل البعد عن المخيم الصيفي”.
وأوضح المتحدث نفسه، أن المخيم الصيفي تشرف على تنظيمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم، وله ضوابط أولها الانخراط داخل الجامعة، وثانيا التسجيل بالبوابة الإلكترونية والحصول على رخصة القبول والسفر والتأمين عن طريق المديرة الإقليمية التي ينتمي إليها ترابيا. وهذه الأمور لم يكن يتوفر عليها البيدوفيل.
مدرسة للتربية
وارتباطا بالواقعة، نفت الجامعة الوطنية للتخييم، ما تداولته بعض وسائل الإعلام لخبر اعتداء بيدوفيلي (م.ع.)، رئيس جمعية رياضية تدعى “جمعية أبطال أناسي” مقرها بالبيضاء، على أطفال، أن يكون للواقعة الإجرامية علاقة بمخيم صيفي بالجديدة.
وكشفت الجامعة الوطنية للتخييم، أن ربط واقعة استغلال الأطفال بالمخيمات التربوية أساء لمؤسسة التخييم باعتبارها مؤسسة للتنشئة الاجتماعية ومدرسة للتربية على القيم والمهارات الحياتية، وهو ما تفاعل معه المكتب الجامعي للجامعة الوطنية للتخييم، بتشكيل لجنة للبحث والتقصي في الخبر وملابساته، وبعد اجتماع استثنائي للمكتب الجامعي خلصت مداولاته إلى إصدار بيان للرأي العام الوطني.
مشاهد مقززة
وأوضح البلاغ المذكور، أنه بخصوص الواقعة، تم اعتقال يوم الجمعة 11 غشت 2023 حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال، المدعو (م.ع.)، الذي يبلغ من العمر 57 سنة، وهو رئيس جمعية رياضية “جمعية أبطال أناسي” تنشط بإحدى ملاعب القرب بمنطقة أناسي بالبيضاء، عقب تداول شريط فيديو يظهر شخصا يداعب أطفالا لا يتجاوز أعمارهم تسع سنوات، في شاطئ بالجديدة، إضافة إلى مشاهد مقززة للمجرم الموقوف، على ذمة التحقيق، حيث يحاول بطرقه البشعة الاعتداء الجنسي على الأطفال أمام بقية أصدقائهم، إذ يبدو الوضع عاديا لديهم، ما يؤكد أن الاعتداء الجنسي على هؤلاء الأطفال من طرف هذا الشخص امتد لفترة طويلة حولته إلى وضع عادي لدى الأطفال وعددهم 19 طفلا.
وكشفت الجامعة الوطنية للتخيبم، أن البيدوفيل الموقوف يوجد رهن الحراسة النظرية لدى المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بالجديدة، التي فتحت بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة، لتحديد الأفعال الإجرامية المنسوبة إليه.
رحلة مقنعة
وفي ما يتعلق بمغالطة الرأي العام، أوضحت الجامعة الوطنية للتخييم، أن الأمر لا يتعلق بـ “مخيم” ولا صلة له لا من قريب أو بعيد بهذا النشاط الذي ينظمه مرسوم يحمل رقم 2.21.186 بخصوص تنظيم مراكز التخييم التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالشباب، ولا بالعرض الوطني للتخييم الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم ولا بمخيمات القطاع الخاص، مضيفة “بل إن هذا الذئب البشري وجمعيته المسماة “جمعية أبطال أناسي” كان بصدد تنظيمه لما أسماه برحلة إلى شاطئ الوالدية بإقليم الجديدة من الفاتح غشت إلى العاشر منه، وهو ما أعلن عنه في صفحة الجمعية المذكورة بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وليس مخيما كما أشيع في بعض المنابر الإعلامية، إذ شارك في هذه الرحلة المقنعة 19 طفلا، واكترى لهم شقة بالجديدة تتكون من غرفتين.
شروط وأهلية
وأفادت الجامعة الوطنية للتخييم، أن عملية التخييم ينظمها مرسوم يحمل رقم 2.21.186 يتعلق بتنظيم مراكز التخييم التابعة للسلطة الحكومية المكلفة بالشباب، والتي تفتتح بحسب مدلول المرسوم، عبر مراحل ولمدة محددة وتحدد لائحتها بقرار للوزير المكلف بالشباب، وتعمل مراكز التخييم على تقديم الخدمات المتعلقة بالاستقبال والإيواء والإطعام والتأطير التربوي، وتأمين العلاجات الطبية الأولية والتنشيط التربوي والثقافي والترفيهي والأنشطة البدينة.
وأوضح المصدر ذاته، أن ما يوجب يجب أن يتم اكتتاب وثيقة تأمين قصد تغطية الأضرار التي تلحق بالمستفيدين أو العاملين بمراكز التخييم خلال إقامتهم بها أو بمناسبة تأدية مهامهم حسب الحالة، وكذا الأضرار التي قد تلحق بالغير. كما يتعين أن تتوفر في رئيس المخيم والأطر التربوية جملة من الشروط، ومنها أن يتمتعوا بحقوقهم المدنية والسياسية وألا يكون قد صدر في حقهم مقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل ارتكاب جناية أيا كانت طبيعتها أو جنحة تتعلق بالأخلاق العامة أو ضد الأحداث، وأن يثبتوا أهليتهم البدنية لمزاولة مهام التأطير التربوي، مع ضرورة أن يكونوا حاصلين على شهادة الأهلية البيداغوجية، التي تمنح من طرف الوزير المكلف بالشباب للأشخاص الذين استفادوا من دورات تكوينية تنظمها السلطة الحكومية المكلفة بالشباب.
ملف قانوني
ومن الشروط الصارمة التي كشفها المكتب الجامعي للجامعة الوطنية للتخييم، أنه يتعين على الجمعية أو المؤسسة الراغبة في الاستفادة من خدمات مراكز التخييم، أن تقدم إلى السلطة الحكومية المكلفة بالشباب ملف ترشيحها الذي يجب أن يتكون من استمارة الترشيح معبأة بصورة صحيحة، والمشروع البيداغوجي الذي يحدد العرض التربوي والتأطيري وكذا أهدافه خلال فترة التخييم ومشروع البرنامج التفصيلي للأنشطة التربوية والثقافية والترفيهية والبدينة الزمع تنظيمها، وبطاقة تقنية تتعلق بالأطر المرشحة للتأطير التربوي للمرحلة التخييمية، بالإضافة إلى الملف القانوني للجمعية والذي يتضمن نسخة من أنظمتها الأساسية مرفقة بنسخة من وصل الإيداع النهائي وبنسخة من محضر آخر جمع عام ولائحة أعضاء مكتبها ونسخة من التقريرين الأدبي والمالي للسنة الفارطة.
اختطاف وتغرير
وبناء على خطورة الواقعة، أعلن المكتب الجامعي للجامعة الوطنية للتخييم، مجموعة من المواقف، أولها اعتباره أن ما قام به المعني بالأمر هو اختطاف مقنع وتغرير بقاصرين تحت يافطة “رحلة”، للعبث بالأطفال وهتك عرضهم والاعتداء عليهم، ويطالب بتشديد العقوبة على مرتكب هاته الجريمة الخطيرة، ليكون عبرة لكل من يعبث بأطفالنا، وبشكل يضمن كافة حقوق الضحايا، وخصوصا الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه الأفعال الإجرامية الشنيعة. مع تمكين الأطفال من حقهم في التتبع الصحي والنفسي، لمحو آثار العنف الجنسي الذي طالهم وهم في بداية مسار حياتهم، بالإضافة إلى آثار الوصم الذي سيلحق مستقبلا بهم بفعل فاعل هذه الجريمة.
ودعت الجامعة الوطنية للتخييم، جميع الفاعلين والمعنيين إلى الوقوف على كنه الأسباب الكامنة وراء هذا النوع من الجرائم الشاذة، واقتراح الحلول الكفيلة لوقف تنامي ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال، التي أصبحت تساءلنا جميعا، وتطرح أكثر من سؤال حول أدوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية والمؤسسات المعنية بالطفولة، وجهود السياسة العمومية المندمجة في شق تعزيز آليات الحماية للأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية.
مسؤولية الأسرة
ولم يفت الجامعة الوطنية للتخييم، أن تحمل المسؤولية للأسرة التي قامت بالزج بأطفالها وتسجيل أبنائها في هذه “الرحلة” دون الإحاطة والتقصي في ظروف تنظيمها القانونية والتربوية والمادية، سيما أن المعتدي قد قام في الأشهر القليلة السابقة حسب الشهادات الموثقة بتنظيم رحلة لمجموعة من الأطفال إلى شاطئ بمدينة الدار البيضاء أودت بحياة طفل غرقا مما يقتضي كذلك من العدالة تعميق البحث والتدقيق في هذه النازلة.
وحملت الجامعة الوطنية للتخييم، المسؤولية التقصيرية في مهامها إلى السلطات المحلية سواء بنقطة الذهاب للسماح بحركية تنقل ونقل من مدينة لأخرى 19 طفل وراشدين تمت مرافقتهم من طرف آبائهم أو بنقطة الاستقرار وتكدسهم داخل شقة دون التقصي والبحث في الجوانب القانونية والتربوية المتعلقة بحماية هؤلاء الأطفال والضحايا.
ودعت الجامعة الوطنية للتخييم، كافة الأطراف إلى فتح تحقيق في الموضوع وتحديد المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة واتخاذ ما يقتضيه الأمر فيما يتعلق بمبدئ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ووجهت الجامعة الوطنية للتخييم نداءا لمختلف وسائل الإعلام إلى التحري في نقل الأخبار وعدم الخلط في استعمال المصطلحات والمفاهيم، لأن الترويج للواقعة وكأنها حدثت في مخيم تربوي تندرج ضمن الإشاعة والأخبار الزائفة ستجعل الأسر تفقد الشعور بالأمن والأمان على سلامة وحياة بناتها وأبنائها في المخيمات الصيفية التي تؤطرها جمعيات تربوية مختصة تعرف جيدا معنى حماية الأطفال، وتعرف مسؤولياتها القانونية في حال أي تقصير.