ما ذنب أطفال غزة في ما يقع لهم اليوم من طرف جيش إسرائيل؟ ما ذنب المرضى والعجائز والصبيان والرضع، ليدفعوا ثمن ما فعلته منظمة حماس؟ ما الذي اقترفوه من جرائم في حق الدولة العبرية، لتعاملهم بهذه القسوة والعنف الأعمى؟ هل ذنبهم أنهم ولدوا في غزة؟ أم أنهم لا حول لهم ولا قوة أمام كل ما يقع أمام أعينهم ولا يستطيعون له سبيلا لمنعه أو وقفه؟
هؤلاء المدنيون الذين يضربون اليوم بالصواريخ ويهجرون من بيوتهم، هم فقط ضحية تطرف حماس والوضع الداخلي الفوضوي بغزة والأراضي الفلسطينية، من جهة، وحقد إسرائيل ورغبتها في الانتقام وتشدد حكومتها الدينية التي تسعى إلى إبادة جميع الفلسطينيين وطردهم وتشتيتهم، من جهة أخرى. إنهم ضحية الصمت والتواطئ والمؤامرات العربية والعالمية، التي تسعى إلى مصالحها فقط، وتستعملهم وقودا للوصول إلى غاياتها المادية والسياسية، دون أي حس إنساني أو عاطفي.
إسرائيل دولة قوية، لا شك في ذلك. لكنها تستقوي على الضعفاء من أهل غزة، الذين لا حياة لهم أصلا في ظل هذا الصراع القديم الأبدي. والأحرى، أن يضرب جيشها الدول المؤججة للحرب. ألا يؤكد المسؤولون الإسرائيليون في تصريحاتهم أن حماس تحركها إيران؟ فلماذا لا يضربونها بالصواريخ؟ لماذا لا يستهدفون قطر، الممولة الرئيسية لحركات الإسلام السياسي ومحتضنة الإخوان المسلمين والمدافعة على الحركات المتطرفة مثل حماس وطالبان؟ لماذا يتجبر جيشها على العزل والمدنيين والمسالمين من الغزاويين والفلسطينيين ويحاصرونهم ويحرمونهم من أدنى حقوقهم في الماء والكهرباء والدواء والغذاء؟ القوي فعلا هو الذي يقف ندا للند مع من يملك قوته نفسها أو أكبر منها، لا من يستعرض عضلاته على الضعيف المسكين، أو مثلما نقول في دارجتنا الجميلة “كا يحكر على الحيط القصير”.
لقد كانت “حماس” سباقة للهجوم، نعم. ومن حق إسرائيل أن تعاملها بسياسة “العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم”. لكن كان عليها أن تستهدف القياديين البارزين في هذه المنظمة المتطرفة، المصنفة إرهابية في العديد من دول العالم، ومن بينهم إسماعيل هنية، رئيس مكتبها السياسي، الذي تأويه قطر، أو خالد مشعل، الرئيس السابق والقيادي الهام، الذي يقيم أيضا في قطر، وجميع المخططين والمنفذين للهجمات، لا أن تضرب بصواريخها أطفالا وعزلا “ما دارو لا بيديهم لا برجليهم”، وهم أيضا ضحايا هذه الحركة وجميع من يساندها.
قد نفهم الدافع الذي أدى بإسرائيل إلى هذا الرد القوي، لكن لا يمكن أن نتفهم “الحكرة” وأسلوب الإبادة الذي تمارسه على شعب مغلوب على أمره، وبدون دولة أصلا.
التعليقات 0