بدهاء سياسي وقدرة على التسيير، تمكن فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، من بصم اسمه في كل هذه القطاعات، إذ بخطى ثابتة تؤدي دائما نحو النجاح، تمكن لقجع من جعل المغرب حديث العالم بأسره، خاصة بعد إنجاز “أسود الأطلس” في “مونديال” قطر 2022، وبعد تمكنه من ولوج المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، كأول مغربي يصل إلى هذا المنصب، ممثلا عن قارة إفريقيا، إضافة إلى جعل المغرب أول بلد في إفريقيا يستخدم تقنية الفيديو المساعد “الفار” في البطولة الاحترافية بدرجتيها الأولى والثانية، وهي البطولة الوحيدة في إفريقيا التي توفر حاليا هذه التقنية للدرجة الثانية، ما جعل من الرجل شخصية ملهمة لعدد من القيادات الكروية في القارة الإفريقية.
البركاني “ابن الرباط”
بمدينة بركان شرق المملكة المغربية، ولد فوزي لقجع سنة 1970 شهر يوليوز، في أحضان أسرة محافظة بسيطة، مكونة من 3 إخوة وأم ربة بيت، ووالد موظف في قطاع التعليم، قبل أن ينهي مساره الوظيفي مفتشا متقاعدا.
كان فوزي لقجع شغوفا بدراسته، كما كان لوالده دور كبير في تأطيره ليصبح من الأوائل في شعبته، ولم يتسلق السلم الاجتماعي إلا بفضل جهوده الخاصة وثقته القوية في نفسه. والبداية كانت بعد حصوله على الباكالوريا سنة 1988 في شعبة العلوم التجريبية، ليغادر بعدها بركان، مسقط رأسه، متوجها إلى العاصمة الرباط لإتمام دراسته في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، ليتخرج وهو حامل معه شهادة مهندس زراعي، ملتحقا بعدها بوزارة الفلاحة، التي ستفتح له الكثير من الأبواب بعد ذلك.
“السبع” الخجول
بعد التحاقه بوزارة الفلاحة، كمهندس زراعي، بدأ فوزي لقجع يصب اهتمامه على موهبته وشغفه الكروي. وبخطوات ثابتة، بدأ بصعود سلم النجاح تدريجيا، إذ نصب رئيسا لنادي نهضة بركان، عندما كان الفريق غارقا في الهواة، وقام بإعادة هيكلة شاملة في الفريق من خلال إعادة بنائه على أسس متينة، إذ استغرق مواسم قليلة فقط قبل أن يحقق النادي الصعود إلى القسم الأول بعد غياب طويل عنه.
بين مجالين في شدة التعقيد، يتمكن لقجع بنجاح، من الغوص في دوامة تفاصيل عالم “المستديرة”، ليحضر بعدها اجتماعات وزارة المالية غارقا بين الأرقام والحسابات. هكذا هي شخصية الوزير المكلف بالميزانية، الذي يعرف بين أصدقائه بأنه خجول، لكن بريق عينيه يحيل على “سبع” مستعد للدفاع عن المصلحة العامة بأنيابه.
خبرة استثنائية
وظف فوزي لقجع مهارته الكبيرة في التسيير بالعمل في المفتشية العامة للمالية، ما جعله ينتقل بعدها كرئيس لشعبة المجالات الإدارية سنة 2000 لمدة ثلاث سنوات، ثم شغل منصب مدير ميزانية الدولة التابعة لوزارة المالية بعد أن قضى سبع سنوات في قسم الزراعة والمقاصة، ليعين في 2010 في منصب مدير ميزانية الدولة التابعة لوزارة المالية، وهي التجربة التي اكتسب منها خبرات التسيير التي جسدها في مشوار متألق في جامعة كرة القدم، التي دخلها في 2013، ليكون أصغر رئيس في تاريخها، في جمع أسطوري امتد لليلة كاملة.
رحلة جديدة استهلها لقجع في مساره الحافل بالتعيينات والنجاحات، حاملا معه سلاحه السياسي ومهارته الكروية، وطموحاته في إصلاح الكرة المغربية وتجسيد أفكاره الاستثنائية فوق أرض الواقع.
ثورة رياضية
وفي سنوات قليلة على رأس الجامعة، أحدث لقجع ثورة في القوانين والمعاملات بين الأندية، ووقع عقود استشهار وشراكات مع أكثر من نصف اتحادات القارة الإفريقية، لتصبح البطولة الوطنية في عهده احترافية بعد سنوات من الهواية، ويصبح الدوري الأول قاريا. وإذا كان سقف الأحلام ما زال عاليا، فيحسب للرجل إعادة الهيبة للكرة المحلية والتركيز على التكوين وصقل المواهب المغربية ومنحها كل المؤهلات والإمكانيات لتشريف المغرب ورفع اسمه في المحافل.
فوزي لقجع رجل يعشق التحدي والمهام الصعبة، يشبه فارسا لا يضع سلاحه قبل أن يحقق المراد والهدف، لذلك كان تعيينه من طرف الملك محمد السادس، رئيسا للجنة كأس العالم 2030 الذي من المرتقب تنظيمه بالمغرب، مع البرتغال وإسبانيا، منطقيا، وتأييدا ملكيا لكفاءته، بعد تعرضه لكل أنواع الاستهداف من لدن أعداء النجاحات التي لم تزده سوى إصرارا على الوصول والنجاح.
فماذا يخبئ مستقبل الأيام يا ترى لفوزي لقجع، “الجوكر” الذي “فينما حطيتيه قاضي غرض”؟