اختار “آش نيوز” 4 شخصيات لتكون أبرز الأسماء التي لمعت في 2023، بالفعل والعمل الجاد والنجاحات الساحقة والإنجازات الحقيقية التي كانت لصالح البلد والوطن والمواطنين، ووضعت المغرب على سكة الكبار، في انتظار المزيد من التألق في السنوات المقبلة أيضا. هي أربع شخصيات حققت في السنة التي نودعها، وحتى في السنوات التي قبلها، قفزة نوعية لبلادنا على طريق التنمية والتقدم والتغيير والازدهار، وشكلت صمام الأمان لهذا الشعب بكل فئاته، في مرحلة من الصعب تدبيرها، في ظل تداعيات جائحة “كوفيد 19” والحرب بين روسيا وأوكرانيا وأزمة الجفاف والتغيرات المناخية التي أصبحت تلقي بثقلها وتأثيرها على اقتصادات الدول وأمنهم ورفاهيتهم.
الملك محمد السادس: قطار التنمية السريع
على رأس هذه الشخصيات، يبرز اسم القائد الأعلى، ملك البلاد وملك القلوب، الرجل الحكيم والإنساني والمتبصر، صانع السياسة الكبرى للمغرب، التي جعلت بلادنا، رغم إمكانياتها المتواضعة وثرواتها الطبيعية التي “على قد الحال”، تجد لنفسها مكانة استثنائية بين كبار العالم، بفضل حنكة محمد السادس وقدرته الذكية على إدارة الأزمات وتجاوز الصعوبات التي تمر منها البلاد ورسم معالم مستقبل زاهر للمغاربة. إنه قطار التنمية السريع الذي يسير نحو هدفه بسرعة البرق وقوة الإرادة والعزيمة.
لقد رفع الملك محمد السادس سقف التحديات عاليا، وأطلق عددا من المخططات والأوراش الكبرى من أجل بناء دولة اجتماعية حقيقية، يعيش فيها المواطنون، بكل فئاتهم، بكرامة وعزة وسواسية، فأعطى تعليماته من أجل ضمان تغطية صحية لجميع أبناء الشعب، وتعميم الدعم الاجتماعي والتعويضات المالية للأسر المحتاجة والمعوزة، كما واصل سياسته الحكيمة في تشجيع الاستثمارات والتوجه نحو الطاقات البديلة ورقمنة الإدارات حتى يكون المغرب مواكبا للتغيرات التي يعرفها العالم.
لقد جعل الملك محمد السادس من المغرب ندا للكبار، وتمكن في 2023، وقبلها أيضا، من إسماع صوته وكلمته لدى القوى العالمية الكبرى والتأثير عليها بفضل إستراتيجية محكمة، وضع فيها القضية الوطنية على رأس أولوياته. ولم يتردد لحظة في الضغط بكل الإمكانيات المتاحة، من أجل قبول مقترح المغرب للحكم الذاتي كحل وحيد ممكن لمشكل الصحراء، من طرف مجلس الأمن والدول الكبرى التي تملك القرار، دون أن يقطع حبل الود مع الجزائر الشقيقة، الطرف في النزاع، التي دعاها في خطابات ملكية أمام سمع وأنظار العالم، إلى الصلح والتعاون من أجل بناء مغرب كبير قوي وكلمته مسموعة، في الوقت نفسه الذي يلتزم فيه بدبلوماسية قوية مكنت المغرب من نزع الاعتراف بأقاليمه الصحراوية من قوى كبرى ظلت لسنوات تماطله في ذلك، بدءا بالولايات المتحدة الأمريكية، وصولا إلى إسرائيل.
ولأنه يؤمن بأن تقدم المجتمعات لا يتحقق بدون نساءها، أعطى الملك محمد السادس توجيهاته السامية من أجل تعديل مدونة الأسرة، وفق مقاربة تشاركية، بما يضمن للمرأة حقوقها ولمؤسسة الأسرة والزواج ركائز سليمة وصحية ومتوازنة لبناء جيل الغد.. جيل سوي ومتصالح مع ذاته، قادر على بناء مغرب المستقبل والنهوض به والسير به في طريق الصلاح والازدهار التي رسمها جلالته.
وأبان الملك محمد السادس، عن إنسانية رائعة أثناء زلزال الحوز الذي ضرب المغرب قبل شهور، إذ حرص شخصيا على زيارة المنطقة المتضررة وأعطى تعليماته من أجل توفير جميع الإمكانيات المالية واللوجستيكية والبشرية من أجل التخفيف من تداعياته على المنكوبين وإعادة الإعمار في سرعة قياسية، مع الحرص على سيادة القرار، ليظهر للعالم بأسره، قدرته على تدبير أمور مملكته في الضراء قبل السراء، مكتفيا بتضامن شعبه ومساعدات بعض الدول القليلة التي أبانت دائما عن روح صداقة حقيقية تجاه المغرب ومصالحه الكبرى.
عزيز أخنوش: الطبع الهادئ والقرار الشجاع
استطاع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أن يكون أهلا للمنصب الذي منحته له صناديق الاقتراع، بعد أن ضاق المغاربة بالوعود الكاذبة ودغدغة المشاعر واللعب على وتر الدين والشعبوية التي أتقنتها حكومة الإسلاميين. فالرجل، رغم الظرفية الصعبة التي تمر منها البلاد، من جفاف وتضخم وعجز، نجح في تنزيل الأوراش والمخططات الملكية بطريقة سلسة وشجاعة، كلفت الدولة ميزانية ضخمة، لكن منحتها ثقة كبيرة لدى الشعب والمواطنين الذين صوتوا لحزبه، وكلهم أمل في “ما هو أحسن”.
لقد كانت تداعيات الجائحة والحرب بين روسيا وأوكرانيا والسوق العالمية غير المستقرة والفريق الحكومي الضعيف وغير المنسجم، عقبات كبرى أمام عزيز أخنوش، لكنه استطاع أن يكسب الرهان رغم ذلك، وحقق للمغاربة إنجازات هامة عجزت عنها حكومات سابقة، لعل أبرزها حل ملف إضرابات التعليم، ولو على حساب الميزانية المقهورة، حتى لا يظل تلاميذ المدرسة العمومية “بدون قراية”.
لقد منح عزيز أخنوش المعلمين زيادة تاريخية كلفت الدولة 10 مليار درهم، في سبيل “وليدات” المغاربة ومستقبلهم الدراسي، رافضا أن يساوم بهم أو يضع مصلحتهم في ميزان المفاوضات، وفضل الحكمة على سياسة الشد والقوة والتحدي، لأنه يرى أبعد من أنفه ويحكّم الصالح العام على الكبرياء الشخصي، وهي الخصلة التي تميز رجالات الدولة الحقيقيين.
عبد اللطيف حموشي: صمام الأمان
إنه رجل الأمن والمخابرات الذي يحبه المغاربة ولا يخافون منه، بل يلتقطون معه “سيلفيات” كلما صادفوه في طريقهم، ويناشدونه على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل أن ينصفهم ويرد لهم حقوقهم، لأنهم يعرفون أنه لن يتأخر عنهم، حتى ولو كان من ظلمهم أمني أو رجل شرطة. فبعد نجاحه في تجفيف منابع الإرهاب داخل المغرب وخارجه أيضا، انكب على ورش تخليق الإدارة العامة للأمن الوطني وجعل من الشرطة فعلا جهازا في خدمة الشعب.
خبرة ونباهة عبد اللطيف حموشي، رئيس المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني، جعلت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لدول كبرى، تسعى للحصول على نصائحه واستشاراته من أجل التصدي للعنف والجريمة المنظمة في بلدانها، بعد أن كان له الفضل في وقاية وحماية العديد منها من حمامات دم حقيقية بفضل قوة جهازه وقدرة رجالاته على استشعار الأخطار واستباق الضربات الإرهابية.
يؤمن عبد اللطيف حموشي إيمانا قويا بأن جميع المواطنين سواسية أمام القانون، ويطبق حرفيا مقولة المغاربة “اللي دار الذنب يستاهل العقوبة”. لذلك، يتحسس مسؤولون وكبار الشخصيات رؤوسهم، كلما اعتقل واحد من أصحاب النفوذ، ويعرفون أن لا أحد يمكنه الإفلات من التحقيق والمساءلة والسجن والعقاب، “وزيرا كان أو غفيرا”، ما دام السي عبد اللطيف ساهرا على كل شاذة وفاذة.
فوزي لقجع: المايسترو وإطفائي الأزمات
رجل دولة بما تحمله الكلمة من معنى. إنه الساهر على تدبير ميزانية 40 مليون مغربي بكل حزم وعزم ودقة. هو المايسترو الذي يحرص على تسيير الفرقة بانسجام لا يشوبه نشاز وإطفائي الأزمات، الذي يضحي بصحته وحياته الشخصية من أجل أن يكون دائما في الموعد، حتى ولو كلفه الأمر ليالي طويلة من السهر مع الأرقام والحسابات.
ليس سهلا أن يشغل فوزي لقجع، العديد من المناصب، فهو الوزير المنتدب المسؤول عن الميزانية ورئيس الجامعة الملكية لكرة القدم ورئيس لجنة المونديال 2030. إنه رجل الثقة، الذي إذا منحه الملك ملفا علم جيدا أنه “غادي ينضيه”.
يملك الرجل شعبية لا تضاهى عند المغاربة. فهو من غير وجه الكرة المغربية وكان وراء النجاحات العالمية التي حققها المغرب في مجال المستديرة. وبفضل همّته حقق المنتخب الوطني المغربي إنجازات غير مسبوقة، فبعد أن كان يشارك في تظاهرات كروية هامة فقط من أجل المشاركة، أصبح اليوم يحتل الرتبة الرابعة عالميا بعد مونديال قطر، ولم يعد يقبل سوى “الرباح” وأن يكون من الأوائل.
لقد حقق فوزي لقجع إشعاعا كبيرا للمغرب عن طريق اللعبة الأكثر شعبية في العالم. وبعد أن كان المغرب ضيفا في تظاهرات عالمية، أصبح اليوم يستضيفها على أرضه، من كأس إفريقيا 2025 إلى مونديال 2030 رفقة البرتغال وإسبانيا، وهو ما أقلق راحة “كابرانات” الجزائر وجعله في مرمى “البروباغاندا” الحاقدة التي يحاربون بها بلادنا.
فوزي لقجع هو رجل المهمات المستحيلة بامتياز. مفاوض شرس من أجل مصلحة الوطن. رحلاته المكوكية تكلل دائما بالفوز لأنه لا يقبل على نفسه الفشل. إنه، بكل بساطة، نموذج السياسي الناجح، الذي يعمل كثيرا ويتكلم قليلا، إيمانا منه بمبدأ “الدق والسكات”.