عند نهاية كل سنة، يطفو اللغط وكثرة الانتقادات في صفوف المغاربة بين تأييد ومعارضة للاحتفال بالسنة الميلادية، حيث يلتحف العديدون برداء رجال الدين، ينهون ويحرمون ويحللون، مقابل فئة مؤيدة للاحتفال كاستبشار بالسنة المقبلة وما ستحمل معها من أمل في المستقبل.
أحكام مجانية
ويرى محسن بنزاكور، المحلل النفسي والاجتماعي، أن نقاش الاحتفال برأس السنة، يتجدد كل سنة في المغرب بين انتقادات وتهم وأحكام يتم تفريقها بشكل مجاني، مضيفا أن المغاربة بطابعهم يعشقون الاحتفال والدليل هو الأعراس المغربية التي كانت تدوم أسبوعا أو أكثر، وهذه المناسبة وطريقة الاحتفال بها تثبت مدى حاجة المغاربة للاحتفال والسعادة.
وأورد محسن بنزاكور، في اتصال مع “آش نيوز”، أن “الاحتفال في المفهوم المغربي يتجلى أيضا في الفرحات العارمة في المناسبات سواء كانت دينية أم رياضية ..إلخ”، وقدم مثالا بفرحة المغاربة خلال مونديال قطر 2022 حيث خرج الجميع ببريق من السعادة والفرح والأغاني والرقص محتفلين بإنجاز الأسود، وهو ما يبين أيضا الارتباط الذي يجمع المغاربة بالاحتفال كممارسة.
حق مهضوم
واستطرد المحلل محسن بنزاكور كلامه قائلا: “الفرح عند المغاربة هو سلوك متجدر في ثقافتنا وأعرافنا، والاحتفال بالسنة الجديدة من حق كل الناس، وهذه الممارسة تكون بمفهومها الإنساني وليس بمفهومها الديني، فحينما تأتي عشية السبت والأحد، جميع المغاربة يفرحون بهذه المناسبة التي تأتي بعد أسبوع من العمل، والاحتفال بالسنة الجديدة يعد نفس الشيء، بعد سنة كاملة، إذ يحتفل الأفراد بالسنة الجديدة مستبشرين منها خيرا، وبسبب هذه الانتقادات المجانية يصبح أحيانا هذا الحق مهضوما”.
وعلى المستوى الديني، أوضح محسن بنزاكور، أنه “ليس هناك من حرج في الدين الإسلامي لأن الإسلام ينبني على النية”، واستشهد المحلل بآية “إنما الأعمال بِالنِّيَّاتِ” وتابع “المغربي حينما يحتفل برأس السنة فهو لا يحتفل بمفهومها المسيحي، كفانا من مثل هذه التعليقات التي هي دعوة سياسية مجانية، يجب التأكيد على أن الإسلام لا يحارب الديانات بل يعترف بالديانات، والانتقادات والتعليقات السلبية بسبب هذه المناسبة قد تحرض المغربي ضد الديانات الأخرى وهذا أمر غير محمود”.
نار سلطتين
ومن جهة ثانية، استنكر المحلل النفسي والاجتماعي ذاته، تمرير بعض الرسائل في المدراس من قبل المدرسين للأطفال الصغار بخصوص هذه المناسبة، مؤكدا أن “النظام التعليمي المغربي ينبني على الدستور. والدستور يقول بأن المغرب دولة إسلامية، إذن لا بأس بالنسبة للأستاذ أن يميز للطفل بين ما هو إسلامي وما هو إنساني، وليس أن يشدد في كلامه على منع الاحتفال بل يجب تحديد مفهوم النية في الدين، وإلا فسيتم خلق تضاربات لدى الطفل بين أسرته والأستاذ. وهنا سيقع الطفل بين ناري سلطتين يحبهما معا، سلطة الأستاذ والأسرة”.
وشدد محسن بنزاكور على أهمية توضيح الخطاب بخصوص الاحتفال برأس السنة، مبرزا أن الخطاب يجب أن يكون واضحا بين ما هو محرم وما هو مباح، واقترح أن يتم إعادة النظر في التسمية، وبدل السنة الميلادية يمكن تسميتها السنة الشمسية، للابتعاد عن المنظور الديني، حتى وإن كنا متعايشين معه، فقط لجعل هذه المناسبة احتفالا إنسانيا، والحد من الخلط بين الأمور وتوديع سنة مضت والترحيب بسنة مقبلة بفرحة مباحة”.