مع بداية السنة الجديدة 2024، يعيش الجميع في ترقب بخصوص وضعية الأسعار، خاصة بعد سنتين من الارتفاعات المستمرة التي أثقلت كاهل المواطنين وكرست الفوارق الاجتماعية.
حركة اقتصادية
ويرى الطيب أعيس، خبير مالي واقتصادي، أن السنة الجديدة، من الممكن أن تقلب الموازين وتشهد انخفاضا طال انتظاره بخصوص الأسعار، مبرزا أن معدل التضخم هو الآخر يمكنه أن يشهد انخفاضا يتمثل في معدل 3 أو 2 ونصف، بعدما بلغ معدلات قياسية السنوات الماضية.
وأكد الخبير الاقتصادي، في اتصال مع “آش نيوز”، أن “الأسعار عموما، ستعرف استقرارا، وستعرف العديد من القطاعات حركة اقتصادية نشطة كالعقار والبناء الذي يجر معه العجلة الاقتصادية، والأمر نفسه سينطبق على مجال الصناعة الذي من المتوقع أن يعرف انطلاقة كبرى، وكذلك الحال بخصوص التصدير الذي من المرتقب أن يرتفع”.
الجفاف والإنتاج
وحسب الخبير ذاته، فإن الإشكال المرتقب يتعلق بالوضعية الفلاحية، نظرا للجفاف الذي حل بالبلاد السنوات الماضية، والذي من المرتقب أن يستمر، في حالة غياب التساقطات المطرية من الشهر الحالي إلى غاية شهر مارس، خاصة أن الفلاحة بإنتاجاتها المتعددة والمختلفة، تغني السوق الوطنية والدولية، كما أن إشكالية الإنتاج بسبب وضعية المناخ ستؤثر على النمو الاقتصادي للبلاد ككل.
وبخصوص جدل التصدير في هذا الوقت الذي يعاني فيه المغرب خصاصا على مستوى الداخل، والمطالب المتعلقة بإعطاء الأولوية للسوق الوطنية، أشار الطيب أعيس، إلى أن “السوق الوطنية والدولية تتسم بالتكامل وليس التناقض، موضحا أنه “لا يمكن التصدير إذا لم تكن لدينا سوق وطنية قوية وإذا لم يتم تلبية حاجيات السوق المحلية بشكل كبير”، وتابع: “يجب أن نصدر الفائض. ولكي نصل لهذه المرحلة، يجب تكثيف الإنتاج لتلبية حاجيات السوق الوطنية. فعندما نصدر الفائض للخارج نقوي السوق المحلية، لأن التصدير يسمح لنا باستيراد العملة الصعبة التي تحرك السوق الداخلية”.
السوق الداخلية
واستطرد الخبير المالي والاقتصادي حديثه موضحا أن “المغرب يعاني من إشكالية الإنتاج الضعيف، وهذا دور الحكومة في إيجاد سبل لتطوير الإنتاج وتقويته سواء الإنتاج الفلاحي أو الإنتاج الصناعي أو غيره، فحينما سنزيد في عجلة الصناعة وفي عجلة الإنتاج الوطني، لن نكون بحاجة للاستيراد من الدول الأخرى، ولن تضيع السوق الداخلية، لأن الاستيراد الخارجي يضيع علينا العملة الصعبة، ومن واجب الحكومة إنقاذ الاقتصاد الوطني من خلال وضع إستراتيجية ودراسات ترصد لنا المواد التي نحتاجها ويتم استيرادها من الخارج، وتعزيز صناعتها محليا”.
“مسمار صغير تستورده من الخارج. فكيفاش غادي نعتقو الاقتصاد الوطني”، يعلق المتحدث ذاته، مبرزا أن الحكومة بدورها يجب أن تشجع الاستثمار الداخلي في المغرب، مقدما مثالا بتجربة سابقة لمولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة السابق، الذي قام ببادرة عززت الاقتصاد المحلي من خلال دراسة أولية لمجموعة من حاجيات المغرب التي يتم استيرادها من الخارج وشجع الشباب والمغاربة على صنعها محليا وقدم لهم إعانات، وهي التجربة التي أعطت نتيجة إيجابية، مشددا على “أهمية إعادة مثل هذه التجربة من قبل الحكومة الحالية لتدارك الأزمات والخروج منها”.
منطقة حمراء
جدير بالذكر، أن المغرب خلال السنوات الماضية 2022ـ2023، شهد فترة من الأزمات المتتالية، حيث عرف التضخم الغذائي ارتفاعا من 4.3% في يناير 2022 إلى 14.4% في نونبر من نفس العام، ما جعل المغرب ضمن قائمة بلدان المنطقة الحمراء التي سجلت أعلى المستويات ارتفاعا في الأسعار، حسب البنك الدولي، هذا إضافة إلى سنوات متتالية من الجفاف أدت إلى زيادة أسعار عدد من المواد الفلاحية الغذائية بسبب قلتها في السوق الوطنية.