أكد عصام العروسي، الخبير في العلاقات الدولية والمحلل السياسي، أن الذكرى الستين لقيام أول برلمان منتخب في المملكة، ذكرى تفتح المجال والباب لطرح عدد من القضايا المرتبطة بما يقع داخل هذه القبة، التي أشاد الملك محمد السادس في رسالته بهذه المناسبة بتاريخها، خاصة أن المغرب كان سباقا لدسترة الديمقراطية التشاركية والمواطنة.
جذور ديمقراطية
وأبرز عصام العروسي، في اتصال مع “آش نيوز”، أن الملك محمد السادس، من خلال رسالته المذكورة، الموجهة إلى المشاركين في الندوة الوطنية المنعقدة تخليدا للذكرى 60 لقيام أول برلمان منتخب في المملكة، التي انطلقت أشغالها أمس (الأربعاء) 17 يناير 2024 بالرباط، ثمن التجربة الطويلة للممارسة التشريعية التي لها جذور ديمقراطية تاريخية قوية.
وأوضح العروسي، في الاتصال نفسه، أن المغرب خاض غمار التحول وغمار المبادرة الديمقراطية منذ الاستقلال، بإنشاء أولى الدساتير، مرورا بالمراجعات الدستورية التي عرفها في السنوات الماضية، وكذلك المراجعة الدستورية لدستور 2011، وهي كلها تجارب عكست حقيقة إيمان المغرب بالتعددية السياسية وبدور البرلمان في تخليق الحياة السياسية.
تجربة غنية
وأشار الخبير في العلاقات الدولية، أن المغرب تميز بتجربة غنية وقوية في ما يتعلق بأدوار البرلمان، سواء من ناحية التشريع كسلطة تشريعية، أو من ناحية تقييم السياسات العمومية وكذلك مراقبة عمل الحكومة والأجهزة الدستورية والمؤسسات الدستورية في البلاد، وكل هذه الأدوار، حققت نجاحات في مجالات كثيرة في المغرب.
وذكر العروسي برسالة الملك، بخصوص تطوير وتجديد وتصحيح مسارات هذه التجربة، مبرزا أنه “لكي نصل لمصلحة المواطن، يجب القفز على الحسابات الشخصية والارتقاء بالبرلمان من الناحية الاجتماعية وصناعة السياسات العمومية”، مشيرا إلى فشل البرلمان في صناعة السياسات العمومية.
وتابع المحلل قائلا: “نجاح السياسات العمومية بالمغرب ظل في البرلمان في مرتبة متدنية. فالكثير من البرلمانيين تورطوا في قضايا الرأي وبعضهم في قضايا جنائية وجرائم كثيرة للأسف، والملك محمد السادس من خلال رسالته، أثبت أهمية تجديد وتجويد النخب السياسية من خلال تفعيل وإقحام الشباب والمرأة في البرلمان، وكذلك الكفاءات الوطنية القادرة على صناعة التشريع”.
مدونة للأخلاقيات
ودعا الملك محمد السادس، في رسالته السامية لتي تلاها رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، إلى مضاعفة الجهود للارتقاء بالديمقراطية التمثيلية المؤسساتية إلى “المستوى الذي نريده لها، والذي يشرف المغرب”، مشددا على تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على غيرها من الحسابات الحزبية، وتخليق الحياة البرلمانية من خلال إقرار مدونة للأخلاقيات في المؤسسة التشريعية بمجلسيها، تكون ذات طابع قانوني ملزم.
كما أكد الملك محمد السادس على ضرورة تحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، فضلا عن العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة، وتعزيز ولوج النساء والشباب بشكل أكبر إلى المؤسسات التمثيلية.