لم أكن أرغب في العودة إلى الحديث عن يونس الشرايبي، “الكوتش” الذي يزاول مهنة التنمية الذاتية عن طريق القرآن، وبدون دبلوم مختص. ولو أن العودة واجبة علينا كلنا كصحافيين، لتسليط الضوء على خطورة مثل هؤلاء الأشخاص الذين يستعملون الدين والمقدس من أجل استقطاب “الكليان” والسيطرة على عقولهم وجيوبهم. لكن، استرعاني “فيديو” توصلت به، لهذا الكائن “الإنستغرامي” العجيب فعلا، يدعو الله من خلاله أن يأخذ له حقه مني، لأنني آذيته وأسأت إليه.
إلى هنا، كل شيء جميل. والحمد لله أن الله لا يستجيب لدعوات كل من رفع أكف الضراعة إليه، وكثير الحمد أيضا أنه عليم بما في القلوب، وإلا لكنت اليوم في عداد المرضى أو المعطوبين أو الأموات، من كثرة دعوات من لا يعجبه قلمي أو لا يعتنق أفكاري أو يكرهني “في سبيل الله”.
السي الشرايبي، الذي أريد أن أشيد بصوته العذب من هذا المنبر وبهذه المناسبة اللطيفة، أبى أن يستمع إلى رأي من حوله ويلجأ إلى القانون من أجل مقاضاتي على ما كتبته عنه. ويا ليته فعل. لأنه كان سيكون حضاريا جدا في سلوكه، بدل أن يكذب على متابعيه وينقل على لساني كلاما لم يصدر عني. ففي المكالمة التي تلقيتها منه، قلت له إنني لم أسمع يوما بالتنمية الذاتية عن طريق القرآن، وبأن هذا التخصص (الكوتشينغ) له ناسه من أهل العلم والدراسات، وبأنني أرفض استعمال الدين في أي مجال من أجل استقطاب المتابعين أو الاسترزاق عن طريقه.
الرجل، بدل أن يقنعني بكلام منطقي معقول، أراد أن يستعمل معي “الطلاميس” الذي يجيده، ويقرأ علي بعض الآيات من القرآن، فأجبته بأنني لا أؤمن بأن القرآن فيه حل لكل المشاكل التي يعيشها المجتمع، ولم أقل إنني لا أؤمن به أو بما جاء فيه، علما أن معتقداتي وإيماني من غيره، لا يهم لا الشرايبي ولا غيره، وهي علاقة بيني وبين ربي، ولا أحد غيره يملك الحق في التدخل أو التوسط فيها.
لقد استعمل يونس الشرايبي، القرآن مرة أخرى، من أجل استمالة جمهوره ومتابعيه، وشحنهم وتحريضهم ضدي، ولو أنه لم يسمني بالاسم، مع أن الكثيرين يعرفون أنني المقصودة، ومن لم يعرف، سيبحث عني. وهو في عز “تخشعه” و”بكاءه” أمام الله، لم يسئه أنه كذب و”تبلى” وقوّلني ما لم أقله، بل كان كل همه “الانتقام” لما كتبته عنه من رأي واضح صريح لا أخاف فيه “لومة لائم” ولا “ستوري دجال”.
لماذا لم يتحدث الشرايبي عن حصص “الكوتشينغ” بالقرآن الذي قال إنه سيرفعها إلى 5000 درهم؟ لماذا لم يعلّق على الاستشارة عبر الأنترنت ب1500 درهم؟ وهي أمور تحدثنا عنها في المكالمة نفسها. ببساطة لأنها ستفضحه أكثر مما ستخدمه. بل لماذا لم تكتف بأن تدعو علي سرا في صلاتك أو قيامك الليل؟ هل كان الأمر يستدعي منك “فيديو” على صفحتك؟
إذا كان هذا الرجل صادقا في ما يدعيه، وبأنه لا يريد مالا ولا ربحا مما يفعله وبأنه مثلما قال، يقوم بما يقوم به في “سبيل الله”، فلماذا لا يكتفي بخطبة الجمعة في مسجده؟ أم أن “الكوتشينغ” بالقرآن يستلزم الفنادق والقاعات والتذاكر ومموني الحفلات حتى تثبت فعاليته؟ أين هو من قوله تعالى في كتابه “ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا”.
“الحاصول”، الذنب ليس ذنب الشرايبي وحده. بل ذنب ضعاف العقول والإيمان الذين يدفعون من جيوبهم من أجل حضور حصصه. والذنب الأكبر هو ذنب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تترك الحبل على الغارب لمثل هؤلاء “الخطباء”، ولمجالس العلم والفقه التي تترك مثل هاته الكائنات تستعمل الدين وتتاجر بالقرآن لتحقيق أرباحها وقضاء مصلحتها الخاصة. و”قاليك” أمنيته أن يلقي درسا في حضرة الملك… آبشااااخ آ السي… باش يالاه يطلع الحصة لمليون.
ضعاف النفوس والايمان
هل انت من أقوياء الإيمان؟
غريب