بعد تباعد طويل بسبب الخلافات المبهمة بين المغرب وفرنسا، انصبت الآراء السياسية مؤخرا حول إمكانية تطوير المواقف الفرنسية في قضية الصحراء المغربية، خاصة بعد تعيين فرنسا ستيفان سيجورني وزير خارجيتها الجديد، الذي جاء بإديولوجية تسير في منحنى توطيد العلاقة مع المغرب من خلال مواقفه الإيجابية بخصوص قضية الصحراء. وفي هذا السياق، أكد عصام العروسي، الخبير في العلاقات الدولية، أن عودة فرنسا مع وزير الخارجية الجديد لعلاقات متوازنة مع المغرب يرجع بالأساس إلى ما تعيشه من أزمات داخلية متواصلة.
فصل جديد
وأوضح عصام العروسي، في اتصال مع “آش نيوز“، أن تعيين وزير الخارجية الفرنسي الجديد ربما قد يؤشر على مرحلة جديدة من التقارب المغربي الفرنسي، خاصة أن الفترة الماضية تخللتها العديد من الأزمات والقطائع، المتمثلة في أزمة التأشيرات وأيضا قضية بيغاسوس، وكذلك التباعد الاقتصادي، وفيما يتعلق أيضا بالعديد من المشاريع التي كان من المفروض أن تسند إلى فرنسا.
وتعليقا على الحوار الذي أجراه سيجورني مع صحيفة “ويست فرانس” الذي أبرز من خلاله توجهه في ملف المغرب وفرنسا، حينما أكد قائلا: “من الضروري احترام المغاربة، وكتابة فصل جديد من العلاقات”، أوضح العروسي، أنه من الممكن أن يكون موقف الوزير الجديد يعبر عن رغبته في كتابة فصل جديد خاصة بعدما تحدث عن دعم فرنسا الواقعي لمخطط الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، لكن ما يجب الإشارة له، وفق العروسي، أن المغرب أصبح له دور متضخم ومتعاظم مرتبط بحفظ السلم والأمن في المنطقة الإفريقية والوساطة الناجحة التي يمتلك إضافة إلى أدواره الإيجابية التنموية من خلال إقدامه على مبادرة جيدة كمبادرة الانفتاح على المحيط الأطلسي.
مغرب مستقل
وتابع عصام العروسي في نفس السياق، أن “المغرب تمكن من جعل الدول الإفريقية تستفيد من مبادرات التنمية، وأيضا تسوية النزاعات ومحاولة التقارب مع بعض الدول الإفريقية التي تعيش على إيقاع أزمات متصاعدة كمالي، مقابل فشل فرنسي في هذه القضايا، خاصة في الأزمة المالية، مضيفا: “المغرب أصبح يمشي في اتجاه الاستقلال في القرار السيادي بعيدا عن فرنسا التي تعيش توترا داخليا كبيرا، كما أنه بعيد عن النموذج الفرنسي في التدبير، خاصة أنه نموذج أصبح فاشلا على العديد من المستويات”.
وأضاف العروسي، في الاتصال نفسه، أنه “رغم موقف وزير الخارجية الجديد بخصوص قضية الصحراء المغربية، إلا أن المغرب اليوم بحاجة إلى أجرأة هذا القرار من الناحية العملية، على اعتبار أن العديد من الدول صرحت بشكل واضح أن الصحراء مغربية، وعلى باقي الدول التي لازالت في المنطقة الرمادية، أن تسارع لإقفال هذا الملف خاصة أن استقرار المنطقة هو من استقرار الصحراء، إضافة إلى أهمية الجانب الأمني، لذلك يجب على فرنسا أن تستوعب هذا الدرس، فليس هناك علاقات رابح خاسر، بل يجب التأكيد على علاقات رابح رابح، كما أن الرهان على الجزائر لن تجني منه فرنسا الشيء الكثير ، وعليها أن تصحح هذه المسارات، لأن المغرب بحاجة إلى إرادة فعلية لتغيير واقع العلاقات، وليس مجرد إشارات وتصريحات من هنا ومن هناك”.