يبدو أن النظام في الجارة “الشقيقة”، يحب التعامل مع المملكة، وفق المثل المغربي الدارج “مالك مزغب”. فهو ما إن ينتهي من شماعة يعلق عليها حضيضه، حتى يبحث عن شماعة غيرها ل”شيطنة” المغرب، بعد أن فشلت جميع محاولاته للتضييق والاستفزاز والعداء.
آخر هذه الشماعات، بيان بئيس تعتبر فيه الجزائر أن المغرب “سلبها” حقوقها و”صادر” مقراتها التابعة لسفارتها بالمغرب، معتبرة ذلك “انتهاكا صارخا لحرمة وواجب حماية التمثيليات الدبلوماسية للدول السيدة”، وبأنه “يتنافى مع الممارسات الدولية المتحضرة” وما تلاه من “بلا بلا بلا” تليق بخطاب خشبي تضليلي يتناقض تماما مع الواقع.
والواقع، أن ما حدث فعلا، هو أن الحكومة قررت نزع ملكية عقارات في الرباط، كانت في ملك الجزائر، من أجل المنفعة العامة، ولتوسعة مبان إدارية لفائدة وزارة الشؤون الخارجية المغربية. وهو ما يعتبر حقا مشروعا لها تمارسه بحكم سيادتها على أراضيها وبقوة القانون الذي يخولها ذلك، علما أنها ملزمة بتعويض أصحاب العقارات الخاضعة لقرار نزع الملكية، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، كما تخولهم إمكانية منازعتها في قيمة هذا التعويض أمام المحاكم الإدارية في العاصمة. (الجريدة الرسمية لتاريخ 13 مارس). “إيوا شنو بغيتو اكثر من هاكا”؟
ويبدو أيضا أن “كابرانات” النظام الجزائري، الذين أصبح شغلهم الشاغل هو المغرب وملكه وإنجازاته، أصيبوا ب”الزهايمر”، ونسوا أنهم قطعوا العلاقات الدبلوماسية مع المملكة أصلا، ورفضوا جميع المبادرات الملكية الطيبة من أجل السلام والتصالح وبناء المغرب الكبير، متشبثين بأفكارهم وعقلياتهم “الحابسة”. بل الأدهى والأنكى، أنهم تناسوا عملية التهجير القسري سنة 1975، لمئات الآلاف من المغاربة الذين كانوا مستقرين سنوات طويلة في الجزائر، وسلبهم أموالهم وأملاكهم ومنازلهم، وهم يستعدون للاحتفال ب”العيد الكبير”، إلى درجة ان عددا كبيرا منهم طرد ب”البيجاما”، لأن الوقت لم يسعفه من أجل ارتداء حتى ملابسه. فأي عرف إنساني أو دبلوماسي أو قانون دنيوي أو سماوي يجيز ذلك؟
لقد أصبح النظام الجزائري مثل “الضرة”، التي تزداد “سمّا” وقبحا وغلا وحسدا وضغينة، كلما رأت رجلها سعيدا مع زوجة غيرها، “بنت الوقت”، وأكثر شبابا وجمالا منها، وأقدر منها على تدبير أمور بيتها وحياتها. فتصر إصرارا على مناكفتها والشجار معها لأتفه الأسباب، معتقدة أنها سبب الاضمحلال الذي وصلته، في حين أنها المسؤولة أولا وأخيرا عن الحالة الصعبة والأوضاع المتردية التي وصلت إليها، لأنها، بدل أن تبذل جهدها في أن تكون أفضل، تركز كل طاقتها في “النكير” و”اللغيط” والتشكي والبكائيات أمام الأقارب والجيران والمعارف، ما يزيدها بشاعة وسوءا.
سلوكات “الكابرانات” البئيسة نسميها في المغرب “التابعة”. وغالبا ما لا يفلح صاحبها في شيء. فالمملكة ماضية في طريقها و”ما مسوقاش”. وتراكم الإنجازات والنجاحات، من فتح القنصليات بأقاليمها الجنوبية واعترافات الدول الكبرى بسيادتها على صحراءها إلى فوزها بتنظيم أكبر التظاهرات الدولية والقارية، آخرها كأس العالم 2030. والمغرب فتح أيضا أوراشا عظيمة، لعل أهمها الورش الملكي المتعلق بالحماية الاجتماعية، دون الحديث عن تطوير البنيات التحتية ورقمنة الإدارات والاستعانة بالطاقات البديلة والخضراء وتحسين جودة التعليم والصحة وغيرها من المشاريع الطموحة التي بدأها بهدوء، لكن يسير نحو تفعيلها بحزم وصرامة وقوة بلد يعرف كيف يشق طريقه جيدا، رغم إمكانيات ضعيفة، لا تضاهي ثراء الجزائر وعائدات بترولها، التي ينتفع منها نظام العسكر فقط، تاركا الشعب الجزائري يعاني الفقر والخوف والقمع وقلة الحيلة، ومن بينه أبناء وعائلات الشهداء ومناضلو جيش التحرير الحقيقيون، الذين ضحوا بحياتهم من أجل جزائر حرة، ليجدوا في آخر المطاف أن الاستعمار الفرنسي كان أرحم بهم، وبأنهم كانوا “كا يكبو الدم فالرملة”.