آش نيوز - الخبر على مدار الساعة - اخبار المغرب وأخبار مغربية

كافر مغربي يكتب عن ترجمة القرآن إلى الدارجة

كافر مغربي

عندما هاجرت لألمانيا في تسعينات القرن الماضي، كنت ما أزال أعتقد خطأ أن نسخة القرآن التي أعرفها هي نفسها الموجودة في العالم بأسره. أينما حللت وارتحلت سأجد صورة طبق الأصل لقرآن بيتنا ومسجدنا.

صدمت حين قدومي لألمانيا بقرآن مترجم للألمانية. انتابني إحساس رهيب بالغضب لأنني عددت الأمر تحريفا لكلام الله. حتى بعدما تمالكت أنفاسي وتقبلت الأمر، بقي عندي سؤال محير يؤرقني، كيف لألماني يقرأ الترجمة أن يتذوق حلاوة الإعجاز البلاغي العربي؟ الذي زاد الطين بلة، وأكد تخوفي، هو أنني ذات مرة أهديت قرآنا مترجما لسيدة ألمانية، فأعادته لي بعد أيام قائلة أن هذا الكتاب تسلسل أحداثه رديء جدا ومواضيعه غير مترابطة.

بعد شفائي من الصدمة، صدمت مرة أخرى عندما التقيت تركيا يقرأ القرآن بلغته التركية. إنه العجب العجاب! بعدها، عرفت أن هناك ترجمات أخرى يقرأها مسلمون، من بينها الأفغانية والفارسية وغيرها.

اليوم، بعد أن بلغت من الكبر عتيا، فهمت أنني كنت أبالغ كثيرا في هذا الموضوع. ألا يريد الله أن يفهم الناس كلامه؟ بالتأكيد يريد ذلك. لماذا نطالب شخصا لا يفهم العربية أن يضيع يومه في محاولة فهم كلمة أو كلمتين من القرآن كأنه عالم مصريات يحاول فك شفرة الهيروغليفية؟

للمسلم الحق، أيا كانت لغته، أن يفهم كتاب ربه، المغاربة ليسوا استثناء. ليس كل مغربي يفهم العربية. لغتنا المغربية خليط من الأمازيغية والعربية والفرنسية ولغات أخرى. لماذا لا يحق لنا ترجمة القرآن للمغربية مع ضمان سلامة الترجمة من ناحية اللغة والمضمون؟

هذه النقطة مهمة لأنه من بين الأعذار الواهية التي يقدمها المعارضون هو التخوف من صحة الترجمة. ألا يوجد مشايخ يشرحون للعوام القرآن بالمغربية؟ بلى، يوجدون. ما الفرق إذن؟ لا نحتاج إلا إلى إيجاد كلمات مغربية تفيد نفس المعنى.

للأسف، قوبلت كل مبادرات الترجمة بهجوم شرس من أصحاب اللحي والإعلام الإلكتروني الموالي لهم. كأن أصحاب المبادرة يحاولون تزوير القرآن أو يحصلون على تمويل من عبدة الشيطان. الهدف من ترجمة القرآن للدارجة المغربية هو نفس الهدف من ترجمته للتركية. لماذا يستفيد الأتراك ولا يستفيد المغاربة؟ من حق أي مسلم أن يفهم كلام الله دون واسطة. هذا بالضبط ما فهمه مارتن لوثر رحمه الله عندما ترجم الكتاب المقدس للعامية الألمانية ليفهمه العوام وتسقط سيطرة رجال الدين على النص المقدس.

أصحاب اللحي والمنابر التي تصفق لهم، يشبهون الكنيسة التي حاربها مارتن لوثر. تلك التي تمنع الناس من التواصل المباشر مع خالقهم.

هل تخافون أن يفهم المغربي شيئا مسكوتا عنه في القرآن فتتزعزع عقيدته؟ إذا كان الجواب بالنفي فلم الاعتراض؟ هل تستحون من لغتكم المغربية؟ لماذا لا يستحي الأتراك من لغتهم؟

لنفترض جدلا أن جماعة من الدعاة ذهبوا لقبيلة ما لم تصلها الحضارة بعد، يتكلمون لغة غريبة عجيبة. هل يعلمونهم اللغة العربية ليستطيعوا قراءة القرآن؟ هل إذا ترجمنا القرآن للغتهم سيكون هذا تقليلا من قيمة كلام الله؟

الجواب على كل هذه الأسئلة واضح. أظن أن السبب الحقيقي وراء رفض أي ترجمة مغربية للقرآن هو علاقتنا المرضية بلغتنا. نحتقرها دائما، بل ونلجأ أحيانا للغات أخرى للتعبير عما يختلج صدورنا.

عادي إذن أن نعدّ ترجمة مغربية للقرآن احتقارا لهذا الأخير. الاعتراض في جوهره موقف عاطفي، وليس عقلانيا. تستطيع الآن أن تتصل بمسلم أندونيسي وتخبره أننا ترجمنا القرآن للمغربية ليفهمه المغاربة، سيفرح كثيرا لأن الأمر منطقي جدا.

بقلم: هشام نوستيك (كافر مغربي)

تابعوا آخر الأخبار من آش نيوز على Google News

مواضيع ذات صلة

حسن فولان

22 ديسمبر 2024 - 21:00

فولان يعلق على جدل فيديوهات منزل المرحوم محمد الخلفي.. فيديو

ترند

22 ديسمبر 2024 - 20:00

جدل يرافق ترند الشوكولاتة الذي غزا المدارس المغربية

حمزة الفيلالي

22 ديسمبر 2024 - 19:00

حمزة الفيلالي يعود إلى المغرب.. الديون و”ترشرش”

الملك لجنة القدس

22 ديسمبر 2024 - 18:00

مفتي القدس يشيد بدعم الملك محمد السادس

محكمة

22 ديسمبر 2024 - 17:00

قضية صامويل باتي.. القضاء الفرنسي يدين مناضلا سابقا بالبيجيدي

جنازة الخلفي

22 ديسمبر 2024 - 16:09

تشييع جثمان محمد الخلفي ودفنه بمقبرة الشهداء.. فيديو

كنيسة انفا

22 ديسمبر 2024 - 15:00

كعكة الأخوة تجمع الأديان الثلاثة في الدار البيضاء

الدواجن

22 ديسمبر 2024 - 14:00

ارتفاع صاروخي في أسعار الدجاج بالمغرب يصل إلى 24 درهما

التعليقات 1

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر :عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

  1. المصطفى الحاكمي

    مايتخوف منه الملتحون هو ان تسقط القدسية عن النص القرآني على اعتبار ان الدارجة لغة سوقية كما لو ان اللغة العربية لا تتضمن مصطلحات نابية . سبق و ان حاولت جريدة نيشان ترجمة الخطاب الملكي و تم رفض ذلك . هنا يظهر جليا اننا نتحرج من لهجتنا . لذلك تجد المغربي يكابد و يعاني من اجل توصيل فكرته بالمصرية او باللغة العربية للعرب

    2
Achnews

مجانى
عرض