يثير ذكر اسم طالوت غضبا شديدا لدى شيوخ السلفية (التلفية مثلما يلقبهم هو نفسه)، وبعض الدعاة الدينيين الذين يكفرونه ويسبونه ويهاجمونه، فقط لأنه يحاجج وينتقد ويسأل في تفاصيل التفاصيل حول الدين والإسلام والقرآن.
ويزداد غضبهم لأنه كان في حياة أخرى سابقة، إماما وخطيب جمعة مفوها، بل إن الشيخ النهاري، الذي تتلمذ على يده، خرج في فيديو متحدثا عنه، معترفا أنه كان حافظا للقرآن، وأنه “بهدل” في عدد من مناظراته شيوخ الأزهر أنفسهم وبعض شيوخ السلفية المغاربة المعروفين.
“آش نيوز”، تواصل مع طالوت، الذي يتابعه العديدون عبر حساباته ب”تيك توك” و”إنستغرام”، وحاول التعرف على أسباب خروجه عن الدين والتقرب أكثر إلى شخصيته المثيرة للجدل، فكان معه الحوار التالي:
لماذا اختيار اسم طالوت دون غيره من الأسماء المذكورة في القرآن؟
اختيار الاسم كان مسألة استرجالية سريعة، إذ أنني أردت التسجيل في تطبيق للمحادثة، وكان يلزمني اختيار إسم لملأ استمارة الدخول، فاخترت على عجل اسم طالوت، لأنه شخص أرسل من قبل الخالق، وله بسطة في العلم، وقد أنكر عليه قومه أنه كان قائدا لهم في مسيرتهم الدينية… وكذلك قد بعثت في قومي حتى أخبرهم أنهم قد وَجدوا آباءهم على أمة، وإنهم على آثارهم ضالون مُغيبون..
من يكون طالوت؟ كم سنك وما هي حالتك الاجتماعية وما هي أصولك…؟
قد سئلت مرة هذا السؤال، فأجبت عليه بقصيدة نونية حبرتها كما سيأتي تفصيله:
يَا سَائِلاً عَنَّي فِذِي الأَزْمَانِ ** هَاكَ المُرَادَ مُفَصَّلاً بِبَيَانِ
طَالُوتٌ إسْمِيَ وَهْوَ مَبْعُوثُ السَّمَا ** مَلِكٌ عَظِيمٌ جَاءَ فِي القُرْآنِ
قاَلَ الإِلَاهُ فَقَدْ أَتاَهُ بِبَسْطَةٍ ** عِلْماً وَجِسْماً فاَئِقَ الأَقْرَانِ
أَمَازِيغِيٌّ فِي الأَصْلِ قُلْ، كَذَا مَوْطِنِي ** فَالمَغْرِبُ الأَقْصَى مِنَ البُلْدَانِ
دَهْرِي قَضَيْتُهُ مُسْلِماً وَمُطَبِّقَا ** لِشَرِيعَةٍ كَذَبُو مِنَ الرَّحْمَانِ
صَومٌ قيامٌ والصَّلاة ُجَماعَةً ** كَذاَ دَعْــوة للمَالك الدَّيَان
فَوقَ المَنابِر كَمْ صَرَختُ بِحُرقَة ** أنْ أقْبلُوا يَا سَاداتِي لِجِنَان
قَال رَبنَا فالعَرضُ منهَا مُفصَّل ** قُل كالسَّما وَالأرضِ مُجتمِعَان
سِدْرٌ وظلٌ والسَّريرُ وَخَيمَة ٌ** نَكْح لحُورِ هُنَّ خير حِسَان
لَكِنَّنِي مِنْ بَعدِ ذَاكَ وَجَدتُني ** مُتَخَبطاً، هَل ذَا مِنَ المَنَّان
فَسَألتُهُم سُؤْلاً لَعلَّي أَرشدُ ** أَين الدَّلِيلُ فِي صِحَّة الفُرقَان
لَمْ يُستجَبْ ليَ فِي الدَّليلِ وَإنمَا ** سَبُّ وَقذفٌ ألقَ كُلَّ أّوَان
فَأنَا المُدَمِّرُ صَرحَكُم فَلتَعْلَمُوا ** وَأنَا المُخلِّصُ قُل عَظِيمُ الشَّأن
فَلزَيغِكُمْ وَضَلاَلُكم لَنْ أنْحَنِي ** فَكَفَاكُم نَشْراً لذَا البُهتاَنِ
فَالحَقُّ أوْلَى باِتباعِيَ مُطْلقاً ** أمَّا الضَّلاَلُ فَبَائدٌ زِدْ فَان
لَنْ أرْتضِي وَهْماً كَدِين للوَرَى ** فَأناَ المُجَددُ فَهمَكم سُبحَانِي
أمَّا الإلَهُ فلمْ يُنزِّل إنْ يَكُن ** شَرْعاً عَلىَ فَرْد مِنَ الإنسَانِ
فَلتَعقَّلُوا وَلتَرشُدُوا وَلتفْهَمُوا ** مَا عِندَهُم فِي الدَّينِ مِنْ بُرْهَانِ
بِالسَّيفِ حَكَّمُوا أمْرهُم وَأسْتَعبَدُوا ** أَنْعِمْ بِهِ مِن نَاشِرِ الإِيمَانِ
ثُمَّ السَّلاَمُ عَلَى مُحكِّمِ عَقْلهِ ** بِتَجَردٍ، حُرَّ وَغَير جَبـَــانِ
كيف كانت رحلة الانتقال من الإسلام وتطبيقه إلى الارتداد عنه؟
كانت رحلة طويلة وشاقة، يملأها الكثير من البحث والشك والتخبط والضغط النفسي والترقيع ومحاولة الخروج من المعركة بأقل الخسائر الممكنة.
كيف كانت علاقتك بالشيخ النهاري الذي تتلمذت على يده مثلما قال في فيديو سابق؟
كانت علاقتي به طيبة، فهو في الأصل إنسان متواضع محب للغير مسارع للخيرات. وهو من استشفع لي مرتين حتى أكون خطيبا في مدينة وجدة.
كنت إماما وخطيبا قبل ارتدادك عن الإسلام. ماذا تذكر من تلك المرحلة من حياتك؟
كان أقصى ما كنت أتمنى من الله جل وعز أن يقبلني في جنوده المُخلِصين المخلَصين.. فكان هدفي في الحياة أن أعيش داعيا إلى الهدى ناشرا للحق صاعدا بالقرآن حتى ألقى الله.. وهذا ما جعلني “أحترف” الدعوة الدينية وأعتلي المنابر.. وأراني وفقت ابتداء في ذلك توفيقا يشهد به الصادقون بعد مرور ما لا يقل عن 17 سنة عن آخر خطبة خطبتها فوق المنبر.. فقد كانت الركبان تحج من كل حدب وصوب، وكان الوقع ظاهرا والبصمة جلية رغم قصر المدة في الميدان.. لكن شاءت الطبيعة أن أوقف من الخطبة لأسباب جد تافهة وسخيفة من قبل الإدارة المسؤولة عن هذا الشأن.. ومن أعظم التهم أنني كنت أخطب بدون ورقة.. صدق أولا تصدق..
ما هي النقطة التي أفاضت كأس غضبك على الدين وأخرجتك منه؟
لم تكن هنالك نقطة أفاضت الكأس، بل مجموعة استشكالات وأسئلة مترابطة لا جواب عليها، وأكبر من ذلك، أنه لا دليل يرقى أن يكون من عند الله يثبت صحة دين الإسلام خاصة، والأديان مطلقا.
لماذا تخاف من الإفصاح عن هويتك؟ هل بسبب العائلة والمحيط أم خشية الانتقام منك لأنك مرتد عن دين الإسلام؟
الامتناع عن الشيء لا يستلزم بالضرورة الخوف منه.. هذا استنتاج زائف. بهذا المنطق سنعتبر أي شخص موجود على أي منصة للتواصل لا يضع اسمه الحقيقي خائفا، وهذا غير صحيح.. لأن منهم من لا يريد أن يعرف ولأسباب تكاد لا تحصر.. أما عني، فدعيني أخبرك أنني أفصحت غير ما مرة عن هويتي في عدة “لايفات”، بل وضعت صورتي ونظرها الحاضرون، ووزعوها على الغائبين.. ونشرت أيضا “أنستغرامي” الذي فيه العديد من صوري.. إذن القول بأنني لا أفصح عن هوتي غير دقيق. أما أنني أخاف من الانتقام، فلو كان هذا حاصلا، لما عرفتم طالوت من الأساس.. فكل “التلفية” في تيكتوك يعرفونني، ويعرفون مدينتي.. وأخبرتهم غير ما مرة من أحب لقائي أحببت لقاءه.. ويرحم الله من قال: لا تسقني ماء الحياة بذلة ** بل فاسقني بالعز كأس الحنضل.
لماذا تخرج في مناظرات مع شيوخ دين معروفين ولم تكتف بأن تعيش حياتك الجديدة بعيدا عن الجدالات والنقاشات العقيمة. ما هدفك من مثل هذه الخرجات؟
ابتداء أنا لا أجادل جدالات عميقة.. نقاشاتي وحواراتي كلها مليئة بالمعلومة وبالطرح المختلف وبالاستدلالات السليمة.. والدليل على أنها ليست عقيمة، كمية التغيير المهم الذي أحدثته في المغرب وخارجه في ظرف جد وجيز.. هذا دون أن أحدثك عن الجمع الغفير الذي يتواصلون معي لإخباري أنني كنت نقطة تحولهم من وهم الخرافة إلى مرارة الحقيقة.
ما رأيك في محاولات ترجمة القرآن إلى الدارجة والهجوم الذي قوبلت به؟
وإن تعجب فعجب ترجمة القوم لقرآنهم لكل لغات العالم، والتي تعد بالعشرات.. لكنهم يشمئزون ويغضبون ويزمجرون عند ترجمته إلى لهجتهم الأم !! مالكم كيف تحكمون.. لماذا الخجل من ترجمة كتابكم للسان قومكم.. لا حرج عند المغربي إن أخبرته أن الله قد أقسم بالتين، ولكن عنده مشكل إن أخبرته أن (الله حلف بالكرموس) كاتجيه قاسحة.. علاش قاسحة لأنو جاتو سخيفة وركيكة.. ملي غتقولو: فلما قضى زيد منها وطرا، تعني ترجمتها (ملي زيد كلالها الحلوة) غاتجيه عاوتاني قاسحة.. حيت قضاء الوطر هو جاب لبليزير ديالو.. لأن قضاء الوطر هو قضاء الشهوة الجنسية.. ولهذا إلى غا يترجموا القرآن ترجموه لجميع لغات العالم منها الدارجة.. ويلا حشمانين من قرآنكم إذن بلا مترجموه لأي لغة وهنيو الوقت..
ينتقد العديدون لجوءك إلى التهكم والسخرية من الدين والقرآن معتبرين ذلك ضربا في عقيدة المؤمنين بهما وتحقيرا. ما تعليقك؟! ولماذا لا تلجأ إلى النقاش دون تجريح؟!
هذا ادعاء يلزمه دليل.. لا أذكر أنني استقبلت انتقادات متعلقة بهذه التهمة الباطلة. أنا لا أستهزئ ولا أسخر خاصة من الأشخاص، كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم.. أنا على العكس تماما أحترم المومنين، وأتفهم تعلقهم ودفاعهم عن عقيدتهم، وهذا الطبيعي.. حتى نبيهم قد هوجم وهُجر عندما جاء قومه بأمر لم يألفوه.. غير أن نبيهم جاء بغير دليل، وأنا جئت قومي بعظيم الدليل.. وأكبر دليل لإبطال الدين هو عدم توفر الدليل على صحته.. قولك، ولماذا لا تلجأ إلى النقاش دون تجريح.. مرة أخرى هذا اتهام باطل. فنقاشاتي مع المخالفين جميعها يغلبها الاحترام المطلق للمخالف، بشرط أن يكون هو نفسه محترما.. أما وإن كنت تقصدين مناظرتي مع “التلفية” التي اشتهرت بين الناس، فهؤلاء قوم بهت لا خلاق لهم ولا خلق.. ولا يلزمني احترامهم ولا اعتبارهم، لأنهم أنفسهم غاية مناهم هو استئصال المخالف ولو بضرب الرقاب.. وهذا مُسطر في كتبهم..فهؤلاء ما كرهوا أن يقطعوا رقبتي حدا شرعيا كما أمرهم نبيهم.. ناهيك ما سمناه منهم من سب وقذف وشخصنة وتهديد.. الخلاصة: طالوت محاور يحترم وبشدة مخالفه، وينصت إلى طرحه، ويسعى أن يجد زيادة علم، وبصيص نور في ادعاء مناظره، لكنهم لحد الساعة لم يُحَققوا حلمه.. ويبقي السؤال معلقا : فين رب الدليل!