خلف قرار رفض طلب استئناف تقدم به محام من هيأة الدار البيضاء، عن طريق المنصة الإلكترونية المخصصة للمحامين، بدعوى أنه كان يجب أن يتقدم به حضوريا أمام المحكمة، استياء في صفوف عدد من المحامين، وتساؤلات حول مدى استعداد جسم العدالة للدخول في عالم الرقمنة وجديته في التعامل مع هذا التطور التكنولوجي العالمي.
منصة رسمية
ورغم أن الإجراء الذي تقدم به المحامي سعيد معاش، في منصة رسمية تابعة لوزارة العدل، تم في موعده ووفق الشروط القانونية المتبعة في هذه الحالة، إلا أن المحكمة لم تعتد به، وأصدرت حكمها بناء على عدم توصل هيأتها بأي طلب، معتبرة أن المقال يجب أن يوضع أمام هيأة المحكمة، رغم إدلاء المحامي نفسه بوصل الأداء عبر المنصة وبالوثيقة التي تثبت تاريخ وضع الطلب قبل حوالي شهر، حسب المعطيات التي توصل إليها “آش نيوز“.
تخوفات المحامين
وتسبب هذا الخلل في التعامل مع الطلبات عبر المنصة الإلكترونية المخصصة للمحامين، والتي وضعتها وزارة العدل تحت تصرفهم، في إطار ورش الرقمنة الذي يراهن عليه المغرب في جميع القطاعات، في تعطيل مصالح موكل المحامي المعني بالأمر، وفي التأثير على ملفه أمام القضاء، كما أدى إلى تخوفات وسط المحامين الذين يتعاملون مع الإجراءات والمقررات القضائية إلكترونيا، على قلتهم، والذين أصبحوا يطرحون العديد من الأسئلة من قبيل هل التقاضي الإلكتروني آمن؟ وفي حال حدوث مثل هذا الخلل، فلمن يتم تحميل المسؤولية؟ وهل هناك صراع بين وزارة العدل التي تشجع على الرقمنة والقضاة الذين لا يعترفون بتطبيقها، في ظل غياب قانون تنظيمي يضمن لمستعملي المنصة الإلكترونية من المحامين، ضمان حقوقهم.
توضيح المحامي
وفي اتصال للموقع مع سعيد معاش، أوضح المحامي بهيأة الدار البيضاء، أن المقررات القضائية، مثل أي عمل بشري، قد يصيب وقد يخطئ، ولذا فهي يمكن أن تخضع بالطبع للطعن أو للمراجعة، من أجل تلافي الأخطاء واستدراك الهفوات. لكن خصوصية هاته الملفات أنها اختلط فيها العمل/الخطأ البشري بما هو رقمي ومبرمج إن صح التعبير .فالاستئنافات تمت عبر منصة المحامي للتبادل الإلكتروني مع المحاكم، والتي توفرها وزارة العدل منذ عدة سنوات، والتي تمكننا كمحاميين من القيام بعدة عمليات والاستفادة من عدة خدمات .لكن خطأ لكتابة الضبط نتج عنه استخراج هاته الملفات والتأشير عليها بتاريخ لاحق لتاريخ الاستئناف الفعلي الذي تم رقميا وبفارق شهر، مما يبدو معه للوهلة الأولى وكأن الاستئناف تم خارج الأجل القانوني. لكن جميع المعطيات الرقمية ومن بينها وصل أداء الرسوم القضائية وتاريخ إيداع المقال الإستئنافي وباقي مرفقاته تثبت بالدليل القاطع أن الاستئناف تم داخل الأجل القانوني .
مواكبة التحول
واعتبر سعيد معاش، في الاتصال نفسه، أن قرار المحكمة جانب الصواب، علما أن القرارات صدرت عن هيئات قضائية مختلفة، مما يبدو معه الأمر وكأنه توجه لهاته المحكمة، مشيرا إلى أن كافة المتدخلين في منظومة العدالة يجب أن يكونوا على استعداد لمواكبة التحول الرقمي لهاته المنظومة، والذي أصبح ضرورة وليس اختيارا، وإلا فسنكون أمام ارتباك قد لا يساعد في إنجاح هذا المسار .
رسالة ملكية
واستحضر سعيد معاش، مضامين الرسالة السامية للملك محمد السادس، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والموجهة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة المنعقد بمراكش في 2019، والتي دعا جلالته من خلالها لاستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم لا مادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة، وذلك انسجاما مع متطلبات منازعات المال والأعمال، مع الحرص على تقعيدها قانونيا، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي.
كما ذكر سعيد معاش، بدورية الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية حول تفعيل منصة المحامي للتبادل الإلكتروني مع المحاكم بتاريخ 5 ماي 2022، التي بعثها إلى الرؤساء الأولين لمختلف محاكم الاستئناف ورؤساء محاكم أول درجة يدعوهم فيها للانخراط الإيجابي لضمان حسن تنزيلها وتفعيلها بالمحاكم التي يشرفون عليها، مشيرا إلى أن ورش الرقمنة مهم جدا وأصبح ضروريا بحكم التطور الذي يعرفه مجتمعنا ومجتمعات العالم، وبالتالي على جميع مكونات العدالة أن تنخرط فيه بشكل فعلي وجدي، لتفادي مثل هذه الاختلالات التي وقعت في ملفه.
التعليقات 0