يبدو أن ما وقع في مستشفيات عمومية بورززات وتازة وفاس، أهون بكثير مما يقع في الدار البيضاء. وبينما وزارة الصحة والنيابة العامة تدخلتا في هذه المدن، إلا أن الإهمال والتقصير والغياب والبيع والشراء المسجلين بأكبر مستشفى جامعي بالمملكة، مستشفى ابن رشد، لم يلفت انتباه أي من المسؤولين، رغم أن البوح لم يعد مقتصرا على المرضى أو ذويهم ممن اكتووا بمآسي ما تعرضوا له، بل انتقل إلى الأطباء أنفسهم عبر نقاباتهم التي فضحت المسكوت عنه وسمت الأمور بمسمياتها.

رئيس جامعة ببني ملال مدير مصلحة بالبيضاء
وتحدثت مصادر “آش نيوز” عن البروفيسور رئيس جامعة الطب ببني ملال، الذي، رغم انتقاله منذ مدة إلى رحاب جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال في دجنبر 2022، إلا أنه مازال يحتفظ بمنصبه رئيسا لمصلحة جراحة العظام بمستشفى الهاروشي، وهي المصلحة التي أصبحت أحوالها يندى لها الجبين بسبب غياب الطبيبتين والاتجار في معدات تقويم الكسور، عبر فرض اقتنائها من مزود بعينه.

البروفيسور رئيس الجامعة ملزم يوميا بالإشراف على المرفق العمومي للصحة بالبيضاء، وتدبير شؤونه ومراقبة انضباط المزاولين به، وتوقيع مختلف البروتوكولات، وهذا كان ميسرا عندما كان يزاول في كلية الطب بالبيضاء، إلا أنه مع تعيينه في بني ملال وترقيته، تتساءل المصادر عن طريقة تدبيره لمصلحة جراحة العظام بالبيضاء، وتسييره لجامعة الطب ببني ملال، وهل يتوفر على بساط سندباد السحري للتنقل بين المدينتين للوقوف على “شغله”، أم أنه يكتفي بالواتساب و”التيلي ترافاي” لتدبير مسؤولياته الجسيمة في المؤسستين العموميتين اللتين يؤدى أجرهما من المال العام. وكيف يوقع مختلف الإرساليات والطلبيات، خصوصا أن لا نائب له بمصلحة جراحة العظام، وتفويض التوقيع لم يتم أصلا لأي من العاملين بمستشفى الهاروشي، فهل الأمر يتعلق بنقص الكفاءات أم باحتكار المناصب؟

مدير ببوسكورة رئيس مصلحة بابن رشد
المصادر نفسها، أشارت، في لقاء مع الموقع، إلى ما تعرفه مصلحة التخدير والإنعاش من فوضى، وهي المصلحة التي أسالت من المداد الكثير، والتي لا تخلو بدورها من هذا التدبير الافتراضي، فالرئيس الممدد له لمرات، عين قبل سنوات خارج المصلحة، وبعد أن عين بأحد المستشفيات الكبرى الخاصة، تم تعيينه قبل سنة بمستشفى دولي ببوسكورة، إلا أنه ظل متشبثا برئاسة مصلحة التخدير، ومع السن والإكراهات التي تتطلبها إدارة مستشفى بالقطاع الخاص، يتساءل النقابيون عن طريقة تدبير مصلحة الإنعاش والتخدير، ويرجحون أنها تتم أيضا بالواتساب و”التيلي ترافاي”، أو أنها لا تدار أصلا لغياب رئيسها، مع احتفاظه براتبه الكامل.

مشاكل بالجملة في المركز الاستشفائي الجامعي
وما زالت الأحوال على ما هي عليه دون فتح أي تحقيق يذكر، رغم تسجيل مشاكل بالجملة في المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد، من عمى 16 شخصا بـ20 غشت بسبب الحقنة، وفضيحة المركب الجراحي التي انتشر شريط يؤكد تلوثها والأوساخ الموجودة بداخلها، إضافة إلى الأدوية منتهية الصلاحية وعلى رأسها “بيطادين” التي انتهت صلاحيتها، ومازالت تستعمل في الجراحة ومختلف التدخلات، ناهيك عن مصلحة الدماغ التي كانت موضوع شكاية مطولة من جمعية حقوقية تحدثت عن وفيات بالجملة، وعن شبهات في الخطأ الطبي القاتل، وغيرها من المشاكل، لدرجة أن المواطنين أصبحوا يربطون علاقات مع حراس الأمن الخاص لمعرفة هل بإمكانهم العلاج وهل الطبيب الفلاني يحضر؟ وهل توجد رعاية وأيضا للبحث عن سرير أو تسريع تدخل طبي، بعد أن غاب المسؤولون عن مهماتهم دون أن يتغيبوا عن قبض أجورهم التي تؤدى من الضرائب، أو يتنازلوا عنها.