المفروض في الأعياد أن تكون مناسبة للفرح واللمة والاستمتاع، إلا عيد الأضحى، يشذ عن القاعدة، وأجواءه أقرب إلى “الغمة” والكآبة و”الضيم” وتثير في النفس رغبة في “تبنيجة” تدخلها في غيبوبة إلى أن تنتهي طقوسه في سلم وسلام.
و”العيد الكبير” في المغرب، له عادات خاصة لا تشبه بتاتا عادات الاحتفال في أغلب البلدان الإسلامية، التي تظل الحياة فيها على طبيعتها، باستثناء تحضير أطباق خاصة بالمناسبة وزيارة الأهل، كسائر الأعياد والمناسبات. في أجمل بلد في العالم، أينما وليت وجهك، تصادف الدماء و”الجناوة” و”الريوس المشوطة” وألسنة اللهب المشتعلة في الشوارع و”الهياضر” النتنة والأزبال والقذارة و”القوادس” المقفلة بفعل مخلفات الكبش، وهي كلها مظاهر بعيدة عن الاحتفال بعيد، وأقرب إلى طقوس “الكانيباليزم” والهمجية.
الغريب، أن المغاربة يصرون على الاحتفال ب”العيد الكبير” بمبرر أنه مناسبة دينية هامة لا يجب تفويتها، في حين أن دافعهم الأول والأساسي لشراء الكبش هو “التهاويش” و”اللهطة” التي تواكب جميع مناسباتنا. أي دين هذا الذي يدفع إلى “التسلاف” و”التكلاف” من أجل شراء خروف ثمنه يفوق القدرة المادية لمن اشتراه؟ وهل دعا الدين مثلا إلى اختياره “بركيا” و”صرديا” بقرون ملتوية حتى يكتمل الأجر عند الله؟ وهل من الدين في شيء قضاء اليوم كله في أكل “بولفاف” و”التقلية” و”المروزية” و”الضلعة” و”تدويز” كل ذلك ب”والماس” و”المونادا” و”برارد أتاي”، لكي نغط بعدها في نوم عميق مليء ب”الكوابيس” ثم نستيقظ يوما آخر على أكل “الغنمي” إلى أن “نتمّ” الخروف “كاملا مكمولا”، مع استغلال جميع أطرافه حتى من “المصارين” و”الكراوع”، فلا تسلم منه سوى “المرارة”؟
نحر الأضحية في “العيد الكبير”، “على حسب فهامتي وقرايتي”، ليس واجبا على الجميع. ويكفي أن يقوم به أمير المؤمنين لينوب عن المغاربة كلهم في ذلك. كما أن التصدق بأغلبه واجب على الأغنياء والموسرين تجاه الفقراء والمحتاجين، لكن هذه المعادلة ليست قائمة بتاتا في مجتمعنا، الذي يصر فقراءه على شراء الكبش، في حين يفضل أغنياءه مغادرة البلاد وعدم الاحتفال بالمناسبة، التي أصبحت اليوم لا تناسب التطور والتقدم الذي وصلته المجتمعات المحترمة.
أما أصحاب نظرية “نفرحو الدراري”، فأعتقد أن أطفال اليوم يمكنهم أن يفرحوا أكثر بلعبة “بلاي ستيشن” أو “بورغر” من “ماكدونالد” أو “طابليت”، كما لا أظنهم يأكلون “الهرغمة” و”الكرعين” و”لحم الراس” ولا “الكديد”. إضافة إلى ذلك، فالأطفال يتعودون على ما رباهم عليه آباؤهم وأمهاتهم. وقد يفرحون ربما بقطة لطيفة أو كلب يصادقونه، أفضل من عجل أو خروف يكونون شاهدين على نحره بطريقة لا يمكن إلا أن تمسّ مشاعرهم الطفولية الجميلة والبريئة.