عادت مجددا ظاهرة التحرش الجنسي في صفوف المراهقين إلى الواجهة في عدة مدن مغربية، حيث خرجت مجموعة من الفتيات ينددن بالخوف المستمر من المراهقين الذين يتشكلون في مجموعات ويهددون سلامتهن، من خلال إلقاء كلمات قدحية أو التحرش الجسدي علنا. وفي هذا الصدد، كشفت مريم.ل، فتاة تبلغ من العمر 22 سنة، أنها تعرضت من قبل للتحرش من قبل مجموعة من المراهقين بمدينة سلا، ما زالت تعاني آثاره على نفسيتها.
التأثر بالسادية
وأوردت مريم.ل، في اتصال ب“آش نيوز”، أن قصتها لم تكن لديها نتائج وخيمة جسديا، لكنها أثرت كثيرا على نفسيتها. وحكت أنها بعدما كانت تسير في الشارع العام عند خروجها من حصص الدعم الإضافي، وجدت أمامها مجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 سنة، بدؤوا بالتحرش بها لفظيا ليلحقها أحدهم ويتجرأ على صفعها في مؤخرتها، ما تسبب لها في إحراج كبير، مبرزة أن المؤسف في الموضوع هو أن باقي المراهقين بدأو في الضحك بأسلوب سادي مستفز.
وأضافت مريم.ل أنها تجاوزت الموضوع اليوم، إلا أنها باتت تفضل عدم التأخر في الليل أو الاتصال بأحد أفراد عائلتها لمرافقتها في الطريق، وفي حال رأت مجموعة من المراهقين في الشارع، حتى وإن لم تكن نيتهم سيئة، تفضل تغيير الطريق خوفا من تكرار نفس الحادث.
فشل المؤسسات التعليمية والأسر
وتعليقا على ظاهرة العنف من قبل المراهقين، أكد محسن بنزاكور، الأخصائي النفسي الاجتماعي، أن المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و16 عاما هم نتاج مجتمع مغربي يشكو من غياب الأسس التي تشكل الإنسان “الطبيعي”.
وأوضح بنزاكور، في تصريح للموقع، أن المؤسسات التعليمية لا تقوم بدورها بشكل فعال، حيث تعاني من الفشل في تقديم التعليم الملائم، بينما الأسرة تعاني من العجز في توفير الدعم والرعاية الكافية، كما أشار إلى أن المخدرات تصل أحيانا بسهولة إلى المدارس، مما يزيد من تفشي الظاهرة.
واستطرد الأخصائي النفسي متحدثا عن غياب النموذج السياسي والقدوة، معتبرا أن الإعلام بفنونه لم يعد يرتقي إلى المستوى المطلوب، كما فقدت الأغاني من جهتها قيمتها الأدبية، وبالتالي، فإن الأطفال الذين ينشؤون في هذا الجو، يجدون أنفسهم في بيئة لا تعزز القيم، مما يجعلهم عرضة لتبني سلوكيات سلبية مثل العنف، والضحك والتنمر في مثل هذه الحالات التي تشبه مريم يدل على خطر الصحة النفسية للمراهق الذي ينتشي بفعل سادي خطير.
العنف كوسيلة للتعبير
وفي سياق ذلك، أكد محسن بنزاكور أن مرحلة المراهقة هي مرحلة انتقالية، حيث يسعى الشباب لتشكيل هويتهم، وفي ظل غياب القيم، قد يلجأون إلى العنف كوسيلة للتعبير عن أنفسهم، وإذا كانت المجموعة من المراهقين تفتقر إلى القيم، فإنهم يعوضون ذلك بالرغبة في الظهور، والبحث عن القيادة من خلال استخدام العنف، مشيرا إلى أن الضحية غالبا ما تكون أنثى، حيث ينظر لها كموضوع للامتلاك، في صورة ذكورية سلبية، وعندما تحاول الفتاة الدفاع عن نفسها، قد تتعرض للعنف بشكل أكبر، وهذا الوضع يستدعي ضرورة التدخل المجتمعي والتربوي لضمان حماية الفتيات وتقديم الدعم اللازم للمراهقين، من أجل بناء مجتمع أكثر أمانا.
التعليقات 0