تنظر غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بأكادير، يوم 30 أكتوبر الجاري، في قضية عصابة متخصصة في شراء الوثائق المتعلقة بالعقارات المجهولة التي تركها أصحابها ولا معرفة لورثتهم بوجودها، ويقومون بطرق احتيالية بالسطو عليها.
نصب وتزوير وتبديد وثائق رسمية
وفي تفاصيل شكاية توصلت بها وزارة العدل، فإن محكمة النقض ألغت قرار قاضي التحقيق بأكادير، القاضي بعدم متابعة المتهمين من أجل جناية إتلاف وثائق رسمية والمشاركة في التزوير في محرر رسمي واستعماله، وإحالتهما على غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بأكادير، لمحاكمتهما طبقا للقانون في حالة سراح في الملف الجنائي الابتدائي تحت عدد 2023.2609.608.
وكانت المحكمة قد برأت أحد المتهمين رغم أنه صرح وأقر خلال أطوار المحاكمة أنه شريك في الأفعال المنسوبة للمتهم الأول، الذي صدر في حقه حكم بأربع سنوات سجنا في حالة سراح، كما اعترف بأن شريكه هو الممول الحقيقي لكل عملية نصب وتزوير وتبديد وثائق رسمية قاما بها معا.
إخفاء عقود تخص عقارات الورثة
وحسب الشكاية، فإن المتهمين عمدا إلى إخفاء عقود تخص عقارات الورثة بالاتفاق مع محام، وأنكرا أنهم يتحوزان على عقود.
وكان المتهمان يعمدان إلى شراء عقود رسمية وعدلية تخص عقارات يجهل أصحابها وجودها، بمبالغ تفوق المليارين، ويبحثان عن الورثة ويساومانهم بنسب، إذ كان المتهمان يطلبان 40 في المائة من نسبة العقارات كمقابل تحوزهما على وثائق، ويعرضان على كل الورثة 60 في المائة ويبرمان عقودا ثابتة التاريخ لدى محام.
وحسب الضحايا، فإنه كضمانة لصحة عملية التعاقد وحماية حقوقهم، قاما بتصوير مجريات جلسة العقد بالصوت والصورة، بمكتب المحامي، حيث تم الاتفاق أن تبقى هذه العقود مودعة بمكتبه إلى حين تسوية وضعية العقارات المتنازع عليها، وغير المتنازع عليها.
153 وارثا
وتشير شكاية أحد الضحايا، الذي راسل رئاسة النيابة العامة ووزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أنه تم الاتفاق على وضع جميع أرقام الرسوم العقارية، والتي صرح المتهمان أنهما اشترياها بمبلغ ملياري سنتيم. وتخص الوثائق موضوع القضية عقارات كان جد المشتكي يشتريها من الأجانب (النصارى واليهود) الذين كانوا يقيمون بالمغرب، والتي توجد بالدار البيضاء بعين الدياب ومنطقة إفريقيا وسيدي عثمان والمدينة الخضراء بوسكورة. بعدها، قام المتهمان بجمع جميع الورثة، والبالغ عددهم حوالي 153 وارثا تقريبا، وأظهرا لهم الوثائق التي تخص عقاراتهم، وقدما لهم مبلغ عشرة آلاف درهم عربون شراء هذه العقارات داخل مكتب محام بالبيضاء، علما أن خمسة ورثة نصيبهم نصف هذه العقارات.
اختفاء عن الأنظار
وكان المتهمان يترددان على المشتكي، قبل أن يتفقا معه في الأخير بحضور العدول بمكتب المحامي، ويطلب منهما أرقام الرسوم العدلية. إذ كشفا، حسب أقواله، عن وجود أربعين رسما عقاريا، وتم الاتفاق على التحرك جميعا لإتمام العملية، وقاما باقتناء سيارة للمشتكي، وبعد حوالي نصف شهر انقطع الاتصال بهما. ولما عاد المشتكي لمكتب المحامي للاستفسار عن الوثائق المودعة لديه، واجهه أنه سلمها للمشتكى بهما اللذين اختفيا عن الأنظار، فسارع المشتكي لوضع شكاية أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قبل أن يتفاجأ بنقل الدعوى للمدينة التي يسكن بها المتهمان، وهي مدينة أكادير.
وبناء عليه، تم اعتقال المتهمين بأكادير وأحيلا على النيابة العامة التي اتخذت قرارا في حقهما بإحالتهما على قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية.
وتمكن المتهمان من الحصول على قرار بعدم المتابعة صادر عن قاضي التحقيق بابتدائية أكادير، وهو القرار الذي سارع المشتكي لاستئنافه، إلى جانب استئناف النيابة العامة.
مذكرة بحث دولية
وتم نقض الملف وإعادة إحالة المتهمين على هيئة أخرى وتكييف القضية جنائيا بمحكمة الاستئناف بأكادير، وصدر حكم بأربع سنوات سجنا على متهم واحد وحصل الثاني على البراءة رغم أنه كان شريكا له في الشركة المتخصصة في شراء العقارات المتنازع عليها، وسط تساؤلات لدى المشتكي، علما أن الشريك الذي صدر في حقه حكم بأربع سنوات سجنا نافذا في حالة سراح، فر إلى وجهة مجهولة، بل يروج أنه فر باتجاه موريتانيا، وصدرت في حقه مذكرة بحث دولية.
التعليقات 0