حملت معها حب المغرب وهي تحزم حقائبها للهجرة نحو الولايات المتحدة الأمريكية، وعاهدت نفسها أن تكون الوجه المشرق للمرأة المغربية هناك، بل نصبت نفسها سفيرة له خلال سفرياتها التي قادتها إلى ست قارات رفعت خلالها العلم المغربي.
الهجرة إلى أمريكا
قبل 15 سنة، هاجرت لطيفة بامو إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدا إلى مدينة دالاس بولاية تكساس، بعد تخرجها من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، لتكمل مسارها التعليمي هناك بجامعة “إيست سونترال يونيفيرسيتي”.
مسار لطيفة الدراسي بالولايات المتحدة الأمريكية جعلها تحظى بوظيفة بمطار مدينة دلاس، حيث ستكتشف عدم معرفة العديد من الأمريكيين ببلدها المغرب. تقول: “كانت صدمتي كبيرة بعدم معرفة معظم الأمريكيين ببلدي المغرب، الذي يعد أول بلد اعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية”.
الترويج للموروث الثقافي في أمريكا
قررت لطيفة أن تنشر التقاليد المغربية بين ساكنة ولاية تكساس، وأن تؤسس لثقافة الطبخ المغربي هناك، خاصة وأنه من الصعب بالنسبة لساكنة تكساس، التي لا تهتم سوى بأطباق المطبخ المكسيكي إقناعهم بتذوق أطباق غيرها، فحرصت على اقتناء كل ما هو مغربي كالزي المغربي من الجلابة والقفطان والتكشيطة وارتدائها في حياتها الخاصة والعملية. وللتعريف بالطبخ المغربي، قررت التفنن في تنفيذ أطباق مغربية ب”القوام المغربي” والعطرية” التي تجلبها معها من المغرب، ودعوة زملائها وجيرانها الأمريكيين لتذوقها. وبفضلها، تمكن هؤلاء من التعرف على أطباق مغربية متنوعة وتذوقها كالكسكسِ والحريرة والرفيسة والطاجين حتى ذاع صيتها بينهم، بل حرصت على إدخال الأكل إلى مطار تكساس من بوابة الحراسة الأمنية لكي تشاركه مع الموظفين هناك، الذين أثنوا على المذاق السحري لتلك الأطباق.
وحتى تبرز فن الطبخ المغربي قررت تدريسه مع واحدة من أفضل الشركات الأمريكية الشهيرة بولاية كاليفورنيا.
السفر.. فرصة للتعريف بالمغرب
عشق لطيفة بامو وما يتيحه لها عملها كموظفة بمطار دالاس، مكنها من زيارة عدد من الدول بكل من إفريقيا وآسيا وأوربا وأمريكا وأستراليا بل وذهبت إلى أبعد نقطة، في القارة الأسترالية، وهي جزيرة تاسمانيا، والتي سميت باسم مكتشفها الهولندي أبل تاسمان.
خلال كل هذه الزيارات كان أول ما تضعه لطيفة بحقيبة السفر، هو العلم المغربي، حيث تقوم بحمله معها في جولاتها الاستطلاعية للتعريف بالمغرب. كما تحرص خلال كل سفر من أسفارها على البحث عن المحلات والمطاعم المغربية، ولا تنسى لقاءها بالطباخ المغربي الشهير حسن مسولي الذي نجح في نقل الطبخ المغربي إلى أستراليا.
مونديال قطر
تقول لطيفة: “هناك العديد من المغاربة استطاعوا التحليق باسم المغرب عاليا، منهم أبطال من طينة سعيد عويطة ونوال المتوكل ومنتخب كرة القدم في مكسيكو سنة 1986، وأيضا من خلال بعض الكفاءات الفكرية والعلمية في كل بقعة من العالم كرشيد اليزمي وكوثر حفيظي، واليوم بفضل المنتخب الوطني المغربي في قطر 2022، أصبح اسم المغرب “تراند” مما سيساعد كل غيور على المغرب على إكمال ما قدمه كل هؤلاء”.
ما فعله وليد الركراكي وكل أبطال المنتخب جعل لطيفة تشعر بالفخر وتعتبر أن ما فعله هؤلاء الكثير قلص الطريق أمامنا للترويج أكثر لوطننا المغرب. وتذكر بفخر الفيديو الذي نشرته لربابنة طائرة أمريكيين أبهرهما ما حققه المنتخب المغربي، وهو الفيديو الذي حقق نسب مشاهدة عالية وتم تمريره على إحدى القنوات الوطنية .
مواقع التواصل الاجتماعي.. متعة واستفادة
حين قررت لطيفة الدخول إلى عالم “الإنستغرام”، كان هدفها إكمال ما بدأته بالتعريف بالموروث الثقافي من اللباس وفن الطبخ، لكنها فتحت نوافذ أخرى، من خلال تقديم نصائح للشباب الراغب في الهجرة إلى أمريكا من أجل الدراسة أو العمل. تقول لطيفة “أحث الشباب على السير في طريق العلم لأنه مفتاح إكمال الدراسة هنا بالولايات المتحدة الأمريكية، كما أعطي معلومات عن الوظائف المطلوبة هنا، إضافة إلى معلومات عن الحياة بالولايات المتحدة الأمريكية، وقوانينها، واختلاف قانون كل ولاية عن ولاية أخرى، وتحثهم على دراسة اللغة الإسبانية إلى جانب الإنجليزية، لأنهما اللغتان المستعملتان في كل الولايات الأمريكية”. “العلم والدراسة ليس لهما سن محدد، تقول لطيفة، لذلك ما زلت آخذ دروسا في الإعلام بجامعة بروك هيفن كلما سنحت لي الفرصة، ولدي العديد من المقالات التي كتبتها ونشرت في الجرائد المحلية، إضافة إلى دروس من جامعة أوكلاهوما في العلاقات الدولية”.
وبما أن نظام إنستغرام في الولايات المتحدة الأمريكية يختلف عن نظيره في المغرب، حيث يجني أصحابه هناك المال حسب عدد المشاهدات، وهي المعلومة التي انفردت لطيفة بامو بالكشف عنها لمتابعيها، فقد قررت إهداء هذه الأرباح لمتابعيها الأوفياء. كما تعمل من الولايات المتحدة الأمريكية بدعم أصحاب المشاريع الصغرى، من خلال الترويج بالمجان لمنتجاتهم حتى يتمكنوا من بيعها بكل الولايات الأمريكية.
أما داخل المغرب، فهدف لطيفة هو زيارة المدن المغربية، حيث تقوم بتصوير المدن العتيقة والأسواق الشعبية بأصالتها، وأيضا كل ما هو عصري، لتبرز للجميع أن المغرب يجمع في جذوره العراقة وفي أغصانه الحداثة.
وللعمل الإنساني في أجندة لطيفة بامو بالمغرب نصيب، حيث لا تتوانى في كل زيارة عن تنظيم رحلات تطوعية، خاصة إلى جبال الأطلس لمساعدة الفئات الفقيرة والهشة.
التعليقات 0