Site icon H-NEWS آش نيوز

خبير: ثقافة الفحولة السياسية والعقلية الرافضة للمرأة وراء فوز ترامب

أكد محمد شقير، الخبير السياسي، أن فوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية في الولايات المتحدة يتسم بخصوصية سياسية لافتة، خاصة في ظل السياق الديمقراطي العريق الذي تتمتع به أمريكا، ورغم أن هناك رؤساء أمريكيين سبق لهم تجديد ولاياتهم الرئاسية لمرتين أو أكثر، مثل الرئيس فرانكلين روزفلت، إلا أن فوز ترامب بهذه الولاية غير المتوالية يطرح تساؤلات حول العوامل التي تقف وراء هذا التحول التاريخي في السياسة الأمريكية.

تحول تاريخي 

وأشار محمد شقير، في حديثه لـ“آش نيوز”، إلى أن فوز دونالد ترامب بولاية ثانية يمثل أول حالة منذ الرئيس ثيودور روزفلت، حيث فاز رئيس أمريكي بولاية غير متوالية، وهو الفوز الذي اعتبر شقير أنه لا يمكن تفسيره فقط من خلال المعطيات الانتخابية، بل هو نتاج للثوابت السياسية العميقة التي تتحكم في الثقافة السياسية الأمريكية، وبذلك، يتعين مقاربة هذا الفوز بناء على هذه الثوابت أكثر من النظر إليه من زاوية المعركة الانتخابية التقليدية.

“رفض فكرة حكم المرأة”

وأضاف محمد شقير أن أحد العوامل الجوهرية التي ساعدت دونالد ترامب في تحقيق فوزه هي ثقافة “الفحولة السياسية” التي تجسد أسطورة البطل السياسي المتجذرة في المخيال الأمريكي، وهي الثقافة التي تفرض صورة عن الرئيس الأمريكي على أنه رجل قوي، قادر على مواجهة التحديات وتحدي النظام السائد.

وأورد: “وقد تجسد ذلك في شخصية ترامب التي نجحت في هزيمة مرشحتين قويتين، وهما هيلاري كلينتون في الولاية الأولى وكامالا هاريس في الثانية، وبالرغم من كفاءتها وتجربتها السياسية، كان فوز ترامب ممكنا لأنه يمثل في نظر العديد من الأمريكيين النموذج التقليدي للقيادة السياسية، وهو نموذج يتقاطع مع ثقافتهم الذكورية التي يصعب فيها تصور امرأة في منصب رئاسة الدولة.

وأوضح شقير أن الثقافة السياسية الأمريكية، التي تأثرت بشكل كبير بمؤسسي الديمقراطية الأمريكية الذين لم يكن بينهم أي امرأة، لا تزال متأثرة برفض فكرة حكم المرأة، على الرغم من تقدم المرأة في الحياة السياسية على مستويات أخرى.

ترامب.. بطل سياسي 

ومن ناحية أخرى، أضاف محمد شقير، أن ترامب قد تجسد أيضا في الذاكرة السياسية الأمريكية كـ “بطل سياسي”، وهو مفهوم عميق في الثقافة الأمريكية، فقد شهدت أمريكا العديد من القادة الذين ارتبطوا بالأسطورة البطولية، مثل الرئيس دوايت أيزنهاور، الذي تولى الرئاسة بعد أن خاض الحروب العالمية، ورونالد ريغان، الذي بنى صورته على أساس أدواره البطولية في السينما وهوليود.

وتابع: “وهذه الأسطورة تساهم في تعزيز صورة ترامب كبطل شعبي، خاصة مع تمرده على مؤسسات الحكم الأمريكية ورفضه تقاليد الإدارة الرئاسية، فعزل مستشاريه ومعاونيه، وتحديه لنتائج الانتخابات الرئاسية التي أدت إلى خسارته، ثم إثارة الجدل حول محاكمته، كلها عوامل ساهمت في تعزيز هذه الصورة”.

وأضاف شقير أن محاكمات ترامب واتهاماته لخصومه السياسيين ساهمت في تعميق الأسطورة التي تحيط به، وذكر أن محاولات اغتياله أثارت مشاعر مماثلة لتلك التي رافقت اغتيال الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن، الذي يعتبر رمزا للوحدة الأمريكية، وكذلك الرئيس جون كينيدي، وهذا المزيج من الدراما السياسية والشخصية البطولية، وفق الخبير السياسي ذاته، يعزز من صورة ترامب كـ “بطل” في نظر العديد من الأمريكيين، مما جعلهم يعيدون انتخابه رغم التقلبات التي شهدتها الساحة السياسية.

وأشار شقير إلى أن فوز ترامب بولاية ثانية جاء في وقت عصيب تواجه فيه الولايات المتحدة حربين عالميتين كبيرتين، الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة، اللتين أثرتا بشكل عميق على المجتمع الأمريكي، حتى في الأوساط الطلابية.

فوز انتخابي تقليدي

وفي هذا السياق، أشار محمد شقير إلى أن الحزب الديمقراطي الأمريكي، الذي كان يتوقع فوز كامالا هاريس، يواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل عدم قدرة العديد من الأمريكيين على تصور قيادة امرأة في البيت الأبيض.

وأكد شقير أن فوز ترامب بولاية ثانية لم يكن مجرد فوز انتخابي تقليدي، بل هو تجسيد لثوابت ثقافية وسياسية عميقة تتعلق بالفحولة السياسية والأسطورة البطولية في المخيال الأمريكي، وهذه العوامل جعلت فوز ترامب ليس مجرد انتصار سياسي، بل تصعيدا للخطاب الثقافي الذي لا يزال يسيطر على العقل السياسي الأمريكي.

Exit mobile version