Site icon H-NEWS آش نيوز

بنعبد الله: المغرب في أزمة ويعيش فراغا سياسيا خطيرا

بنعبدالله التقدم والاشتراكية

طرح نبيل بعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، كرونولوجيا الانحدار السياسي بالمغرب، والذي دفع المواطنين إلى فقدان الثقة في الفضاء السياسي والحزبي.

ممارسات مست بحرية التعبير

واعترف نبيل بنعبد الله، في كلمة له خلال أشغال الجامعة السنوية التي نظمها الحزب، أمس (السبت) بمقره بالرباط، بأن المؤسسات السياسية لم تعد تقوم بأدوارها كما يجب، وكما هو منصوص عليه في الدستور الذي صوت عليه المغاربة.
وكشف بنعبد الله في معرض تدخله عن وجود “ممارسات مست بحرية التعبير، وحاولت تطويع الفضاء الإعلامي وفتحت الباب أمام التدخل في شؤون الأحزاب، مع انتشار ظاهرة استعمال المال العام في الفضاء السياسي والانتخابي بشكل لم يسبق له مثيل، وأدى إلى ولوج واسع للفساد والمفسدين للمؤسسات المنتخبة وإلى الأحزاب السياسية نفسها”.

الزمن الجميل للفعل السياسي

وتحسر نبيل بنعبد الله، على الزمن الجميل للفعل السياسي، مشيرا إلى أن المغرب عرف طفرة إصلاحية هامة، في منتصف التسعينيات، وأنه برزت إصلاحات تنموية قوية في كل المجالات الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية، كانت ذات حمولة سياسية، لاستنادها على عمق سياسي وإلى خلفية سياسية ومرجعية حقوقية، كما حركها هاجس قوي وقدرة كبيرة على التعبئة الاجتماعية، وتصميم واضح على التوجه نحو دمقرطة البلاد.
وأوضح الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله أن المؤسسات السياسية قائمة وتشتغل، لكن هناك مشكل حقيقي في منسوب الثقة والمصداقية، وفي طبيعة الممارسات ومدى القدرة على خلق التعبئة الاجتماعية، وشدد على ضرورة الإقرار بأننا أمام أزمة في العمل السياسي.

السياسة بالمغرب في محنة

واعتبر نبيل بنعبد الله أن السياسة بالمغرب في محنة وتعيش وضعا حرجا بشكل يثير القلق والتخوف، فمنذ نهاية العقد الأول من هذه الألفية وعوض الاستمرار في المنحى الإصلاحي، بدأت تظهر ملامح توجه يدفع نحو التحرر من التعاقد السياسي المثمر الذي بدأ في منتصف التسعينات، بمبرر أن القوى الديمقراطية الوطنية ليست مؤهلة ولا قادرة على مواجهة مد الإسلام السياسي، ولا قادرة على دعم العمق التحديثي والإصلاحي.
وأضاف  بنعبد الله “عشنا مفارقة عجيبة ظهرت وتصاعدت فيها انحرافات في الحقل السياسي تتنافى تماما مع المبررات التي استند إليها هذا الخطاب الجديد آنذاك، وما قدم على أساس أنه بديل للقوى الديمقراطية والوطنية لم يقم إلا بتقوية هذا المد الذي قيل عنه أنه يتعين مواجهته”.

توجهات سياسية نكوصية

وسجل نبيل بنعبد الله، أن ما يسر الأمر أمام هذه الانحرافات هو كون القوى الديمقراطية، والمتمثلة في أحزاب الكتلة أساسا، كان رد فعلها خافتا وباهتا، وكان موقفها غير موحد ولا حازما، علما أنه سبق للكتلة أن كان لها مواقف حازمة خاصة في التسعينات من القرن الماضي.
وعاد بنعبد الله للحديث عن سنوات الحراك قائلا “ثم حل حراك 2011 السياسي والاجتماعي ليضطر ذلك التوجه النكوصي إلى التواري مؤقتا وفسح المجال واسعا أمام دستور متقدم جدا، شكل قفزة دستورية ومؤسساتية وديمقراطية وحقوقية، كانت فارقة على المستوى الوطني، على الأقل على مستوى النص، وانبثقت بعدها تجربة حكومية اندرجت في هذا السياق”. وأضاف: “ولأن الصراع السياسي مد وجزر، ما لبثت أن عادت التوجهات السياسية النكوصية بأشكال مختلفة ملحقة أضرارا بالغة بمكانة السياسة وبأدوار الفاعل الحزبي، وبمصداقية المؤسسات السياسية”.

تراجع في ثقة المواطنين بالفاعل الحزبي

وشدد نبيل بنعبد الله، في كلمته نفسها، على أن انكماش الديمقراطية وأزمة التمثيلية السياسية ظاهرة عالمية وربما بدرجات أخطر، وهو ما يفسر صعود الحركات اليمينية المتطرفة والشعبوية بما في ذلك في بلدان عظمى، مؤكدا أن المغرب يعيش تراجعا غير مسبوق في ثقة المواطنين بالفضاء السياسي والفاعل الحزبي والجدوى من العملية السياسية والانتخابية ككل، بما يمكن تسميته مخاصمة حقيقية بين معظم المغاربة والشأن العام.
وصرح بنعبد الله بأن المغرب يعيش فراغا سياسيا خطيرا لا يمكن سوى أن تملأه تعبيرات عفوية أو متطرفة أو غير مؤطرة، رافضة تقريبا لكل شيء. وهو ما حذر من خطورته الشديدة، مشيرا إلى أنه لا يكفي لتفسير المحنة الحرجة التي يعيشها الفضاء السياسي في المغرب، والتي لها أسباب أخرى لا تقل حسما وأهمية، مما يتعين معه القيام بنقد ذاتي وجماعي موضوعي وشجاع، وداعيا إلى الاعتراف الجماعي بأن القوى السياسية الديمقراطية فضلت مخطئة الخوض في قضايا ثانوية وخلافات جانبية، على حساب توحيد الكلمة أمام التناقضات الرئيسية وأمام واجب التصدي لأي مساس بمكانة الفضاء السياسي والعمل الديمقراطي الحقوقي.

تفعيل الدستور

وحمل بنعبد الله الدولة مسؤوليتها في توفير إرادة قوية ودائمة لأجل تفعيل الدستور بكافة مضامينه، وضمان شروط حيادية للتنافس الشريف والنزيه والمتكافئ حول البرامج والتصورات وتقوية المؤسسات السياسية والحزبية حتى تكون صمام أمان للاستقرار السياسي والاجتماعي، ودافعة عن التجربة الديمقراطية.

Exit mobile version