في ظل التحولات المجتمعية التي طرأت على الأسر المغربية في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل اكتساح وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح العديد من أولياء الأمور يجدون صعوبة في فهم بعض السلوكات المتعلقة بانحراف أبناءهم المراهقين، على غرار عفاف، وهي أم لمراهقة تبلغ من العمر 16 سنة، رفعت الراية البيضاء واستسلمت لواقع محبط يتعلق بعلاقتها مع ابنتها.
وفي حديثها لـ“آش نيوز”، أوضحت عفاف أن تربية المراهقين أصبحت أمرا صعبا في الوقت الحالي في ظل التأثيرات الخارجية، مشيرة إلى أن العلاقة بينها وبين ابنتها باتت تتسم بالبرود بسبب تفضيل ابنتها البقاء بمفردها واستخدام الهاتف لساعات طويلة.
حالة عفاف وابنتها ليست الوحيدة في مجتمع اليوم، بل هناك حالات كثيرة مشابهة لأبناء فضلوا العزلة على التواصل مع أسرهم، ومراهقين يجدون أنفسهم منفصلين تماما عن واقع أسرهم.
التجاهل والإهمال
وبخصوص هذا الموضوع، يرى الخبير والأخصائي في علم النفس الاجتماعي محسن بنزاكور، أن التجاهل والإهمال يعدان من أبرز الأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور اضطرابات نفسية مرضية لدى المراهقين.
وأوضح بنزاكور في تصريح لـ“آش نيوز”، أن هذه المشاعر لا تقتصر فقط على العلاقات الأسرية، بل قد تكون موجودة أيضا في بيئات أخرى مثل العلاقات بين الأصدقاء أو الزملاء في المدرسة، وأضاف أن التأثير النفسي لهذه المشاعر يمكن أن يكون عميقا، خاصة بالنسبة للمراهقين الذين يمرون بمرحلة حساسة في حياتهم.
وأشار بنزاكور إلى أن مرحلة المراهقة تعد من الفترات الأكثر تأثيرا على تكوين الشخصية، وفي هذه الفترة، يسعى المراهقون للانتماء إلى مجموعات اجتماعية معينة ويبحثون عن قبول من الآخرين، لذا، عندما يتعرضون للتجاهل أو الإهمال، يتولد لديهم شعور بالرفض، مما قد يؤدي إلى شعور بالوحدة والعزلة.
وأوضح الخبير أن هذه المشاعر قد تدفع بعض المراهقين إلى الاعتقاد بأن لا أحد يحبهم، مما يزيد من معاناتهم النفسية.
ملاذات غير صحية
وحذر محسن بنزاكور، من أن المراهقين الذين يعانون من التجاهل والإهمال قد يبحثون عن طرق للهروب من هذه المشاعر السلبية، إذ يمكن أن يلجأ بعضهم إلى المخدرات كوسيلة للهروب من الواقع، بينما قد يلجأ آخرون إلى علاقات سامة وعابرة لا تقوم على أسس صحية، وهي السلوكيات التي تؤدي إلى زيادة تعقيد المشكلات النفسية بدلا من حلها.
وأكد بنزاكور أن تجاهل مشاعر المراهقين وإهمالهم قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية خطيرة، داعيا الأهل والمربين إلى الانتباه لهذه الظواهر والعمل على توفير بيئة آمنة وصحية حميمية تساهم في تعزيز التواصل الفعال مع المراهقين وتجنب هذه الأزمات.
التعليقات 0