“البطل”.. حين يولد الإبداع من رحم الحرب
الحبكة الدرامية القوية والأداء الاستثنائي للفنان بسام كوسا وقصته الإنسانية جعلته يتفوق على نفسه في الدراما الرمضانية 2025

أثبتت الدراما السورية تفوقها وتميزها في الموسم الرمضاني الجاري، رغم الحرب والمشاكل السياسية التي تعرفها البلاد، وأكدت، مرة أخرى، أن الإبداع قد يتولد فعلا من رحم الظروف الاستثنائية، ووسط الخوف والفوضى والرصاص والفقر و”التعتير”، وذلك من خلال نموذج مسلسل “البطل”، الذي يعرض على قنوات “إم بي سي” ومنصة “شاهد”.
واقع الإنسان السوري
ابتعد “البطل”، وهو من بطولة الفنان القدير بسام كوسا وإخراج المتميز الليث حجو، عن مضامين الدراما التقليدية في رمضان، التي تركز على القصص الخفيفة والحكايات “العبيطة” والسلسلات الهزلية والمسلسلات الكوميدية، واقترب أكثر من واقع الإنسان السوري، من خلال قصة إنسانية تدور أحداثها في “ضيعة” سورية، تعيش تحت تهديد القصف ويضطر أهلها إلى الهجرة نحو مناطق أكثر أمانا بعد أن ارتفعت وتيرة المعارك، وأصبحت حياتهم وحياة أبنائهم مهددة.
بسام كوسا
وإلى جانب سوء الأوضاع الاجتماعية بسبب الحرب، يعاني مجتمع “الضيعة” صراعات داخله وبين أبناء القرية أنفسهم، وقوده التقاليد البالية وانعدام الوعي والتخلف والطمع، دون الحديث عن دكتاتورية رجال الأمن وسيطرتهم وتحكمهم في تفاصيل حياة المواطن السوري المغلوب على أمره.
ونجح المسلسل في كسب رهان التميز في الدراما الرمضانية في 2025، رغم أنه موجه لمشاهد واع ومدرك، ولجمهور نخبوي، وليس للباحثين عن المسلسلات ذات القصص المكرورة الجاهزة، وأصحاب نظرية “الجمهور عايز كده”، وذلك بفضل حبكته الدرامية القوية والأداء الاستثنائي لأبطاله، وعلى رأسهم بسام كوسا، الذي يلعب في “البطل”، دور رجل تعليم يحب الخير والمساعدة لأهل ضيعته ومستعد من أجلهم للمخاطرة بحياته وما يزال متشبثا بقيم التضامن والتكافل وفعل الخير التي ورثها عن أبيه وجده، حتى ولو كانت على حساب أهل بيته، في زمن أصبح الكل يتعامل بأنانية ويبحث عن مصلحته الشخصية أولا.
تعليقات 0