ما زال الجدل مستمرا بخصوص مسلسل “معاوية”، الذي يعرض في الموسم الرمضاني الحالي بعد سنوات من التأجيل، بين منتقد لضعف السيناريو والحوار والأداء التمثيلي للفنانين المشاركين في العمل، وعلى رأسهم البطل الذي يلعب دور مؤسس الدولة الأموية، وبين من يرى أن العمل يستحق المشاهدة والتشجيع نظرا للمقاربة المختلفة التي يطرحها، خلافا للمسلسلات الدينية المألوفة، دون الحديث عن الميزانية الضخمة التي خصصتها لإنتاجه مجموعة “إم بي سي” الإعلامية، التي تعرض المسلسل على شاشاتها وعلى منصة “شاهد”، إلى جانب أنه فتح الباب لإثارة النقاش حول مجموعة من القضايا التاريخية والسياسية والدينية.
الفتنة الكبرى
تدور أحداث المسلسل حول شخصية معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية، أول دولة في التاريخ الإسلامي، ومساره الشخصي منذ الجاهلية إلى دخوله الإسلام، ليصبح واحدا من أهم القادة والجنود الفاتحين، الذين ساهموا في توسيع أراضي الإسلام ونشر الدين على أبعد نطاق. كما يتطرق إلى مرحلة حرجة في التاريخ الإسلامي، المعروفة بالفتنة الكبرى، والحروب التي خاضها المسلمون ضد بعضهم البعض، بسبب أهداف تتعلق بالخلافة والمال والحكم والسيطرة، والتي لا يزال المسلمون يعانون بسبب تداعياتها إلى اليوم، رغم مرور حوالي 14 قرنا عليها.
شخصيات تاريخية
يسلط مسلسل “معاوية”، الضوء أيضا على شخصيات تاريخية أخرى، لعبت دورا في العديد من الأحداث الكبرى والمهمة في التاريخ الإسلامي، مثل علي بن أبي طالب والسيدة عائشة أم المؤمنين والخليفة عثمان بن عفان والحسن والحسين وعدد من الشخصيات الأخرى مثل عمرو بن العاص ومحمد بن أبي بكر الصديق وأبو موسى الأشعري، وعمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق، والتي عارض الأزهر تجسيد بعضها، خاصة الصحابة والخلفاء، الذين تعتبرهم المؤسسة الدينية “مقدسين” ولا يجوز تشخصيهم على الشاشة.
معاوية وعلي
وإلى جانب تجسيد الصحابة وخلفاء الرسول محمد، أثار مسلسل “معاوية” ضجة بسبب افتقاده للدقة التاريخية، مثلما يؤكد المنتقدون، الذين اعتبروا أنه حوّر الأحداث التاريخية لينتصر إلى بني أمية ويصور معاوية في شخص البطل والسياسي المحنك، مقابل تصوير شخصية علي بن أبي طالب، الرمز لدى الشيعة، على أنه ضعيف الشخصية ويفتقر إلى الكثير من الحكمة والدهاء السياسي، وهو ما أدى إلى منع دبلجة وعرض العمل في إيران الشيعية، إضافة إلى العراق، ذو الأغلبية الشيعية، الذي اعتبر عرضه على شاشاته محرضا على الفتنة الطائفية.
رؤية مختلفة
ورغم جميع الانتقادات والتحفظات على “معاوية”، يحسب للمسلسل أنه قدم رؤية جديدة ومختلفة للملسلات الدينية التي تعود عليها المشاهد في المنطقة، والتي كانت تصور المسلمين في تلك الحقبة، على أنهم ملائكة مطهرون، لا تشوب أخلاقهم أو سلوكهم شائبة، في الوقت الذي عرى مسلسل “معاوية” على واقع الاقتتال بينهم على الحكم والسلطة، إلى درجة قتل أصحاب رسول الله والمبشرين بالجنة والخلفاء الراشدين، غدرا، لا لشيء سوى للاختلاف معهم في الرأي أو طمعا في المناصب والغنائم.

المسلسل سلط الضوء على فترة حرجة في التاريخ الإسلامي