في خطوة لافتة تنسجم مع الظرفية الصحية والاقتصادية الراهنة، أعلن مجلس علماء مسلمي بلجيكا إصدار فتوى شرعية تقضي بتعليق شعيرة ذبح الأضحية لعيد الأضحى لهذا العام، وذلك عقب دراسة دقيقة للوضع الوبائي والاقتصادي المرتبط بسوق المواشي، في ظل تفشي مرض “اللسان الأزرق” (BTD) وارتفاع أسعار الأضاحي بشكل غير مسبوق.
فتوى ترتكز على مبدأ الاستطاعة
وأوضح المجلس، في بلاغ رسمي، أن الأضحية تعد من الشعائر المهمة في الإسلام، غير أنها مشروطة بالقدرة، مشددا على أن غلاء الأسعار وندرة رؤوس الماشية يجعل من الامتناع عن الذبح أمرا جائزا شرعا لمن لا يستطيع، ولا حرج عليه في ذلك.
ودعا المجلس عموم المسلمين في بلجيكا إلى تقديم الصدقات والإعانات الغذائية بدلا من ذبح الأضاحي في حال تعذر ذلك، وحثهم على الابتعاد عن الاقتراض أو الإسهام في المزيد من الارتفاع في الأسعار، مؤكدا أن جوهر الشعيرة يكمن في الإحسان والتكافل، وليس في المشقة أو الإثقال.
دعوة ملكية سابقة في المغرب
ويأتي هذا القرار بعد خطوة مماثلة كان المغرب قد اتخذها في وقت سابق، حين دعا الملك محمد السادس، المواطنين إلى عدم ذبح الأضحية هذا العام، مراعاة للظروف المناخية الصعبة وتراجع أعداد القطيع الوطني، إلى جانب تداعيات اقتصادية فرضتها الأزمة العالمية.
ولاقت الدعوة الملكية آنذاك إشادة واسعة في مختلف الأوساط، واعتبرت تعبيرا عن حكمة القيادة في التعامل مع الأزمات، وانعكاسا للبعد الإنساني والاجتماعي في فهم الشعائر الدينية.
ظرفية استثنائية ومقاربات مرنة
وتعكس الفتوى الصادرة عن مجلس علماء مسلمي بلجيكا، ومعها الدعوة المغربية، توجها مشتركا نحو اعتماد مقاربة واقعية ومرنة في التعامل مع الشعائر الدينية خلال الأزمات، بما يحفظ مقاصد الإسلام في الرحمة والتيسير، ويجنب الأسر المسلمة الوقوع في ضغوط اقتصادية أو صحية قد تكون لها انعكاسات سلبية.
في ظل هذه المستجدات، يبدو أن موسم عيد الأضحى هذا العام سيشهد تحولا ملموسا في ممارسات الشعيرة لدى عدد من الجاليات المسلمة، في انتظار ما ستسفر عنه التحولات الصحية والاقتصادية مستقبلا.