تقرير يكشف خدعة سكانية لـ”البوليساريو” في تندوف
مسرحية الديموغرافيا المصطنعة.. "البوليساريو" تضلل الأمم المتحدة بحشود وهمية في تندوف

في كل زيارة ميدانية يقوم بها ممثلو بعثة الأمم المتحدة “المينورسو” إلى مخيمات تندوف، يتكرر نفس المشهد بدقة، حشود ضخمة ترفع شعارات “البوليساريو”، تلوح بالأعلام وتردد هتافات مدروسة بعناية. مشهد يبدو للوهلة الأولى انعكاسا لمجتمع موحد، متجانس ومضطهد، في محاولة لإقناع الزائرين الدوليين بمظلومية مفترضة. غير أن تحقيقا استقصائيا حديثا لصحيفة “ساحل أنتليجنس” يزيح الستار عن حقيقة مغايرة، ويكشف استخداما ممنهجا لأساليب التضليل السكاني في واحدة من أكثر القضايا الإقليمية تعقيدا.
18 ألف مقيم فعلي.. والباقي كومبارس سياسي
واعتمادا على شهادات ميدانية ومصادر إقليمية مطلعة، يفيد التقرير أن عدد المقيمين الفعليين داخل مخيمات تندوف لا يتجاوز 18 ألف نسمة، في وقت تدعي “البوليساريو” أرقاما خيالية تصل إلى مئات الآلاف. ما يزيد من خطورة هذا التضليل هو أن نسبة كبيرة من هؤلاء “السكان” لا ينحدرون أصلا من أصول صحراوية، بل هم مهاجرون غير نظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء جرى تجميعهم وتوطينهم عمدا لتوظيفهم كواجهة بشرية خلال زيارات الوفود الأممية والدولية.
خداع ممنهج وتحايل على الشرعية
والغاية من هذا السيناريو واضحة، وهو تصوير “البوليساريو” على أنها تمثل شعبا بأكمله، رغم أن الغالبية الساحقة من الصحراويين اختارت الاندماج في مسار التنمية بالمملكة المغربية أو الاستقرار ضمن الجاليات المنتشرة في أوروبا، لا سيما بإسبانيا وجزر الكناري وفرنسا. أمام هذا الواقع، تطرح تساؤلات مشروعة، ما مدى شرعية تمثيل “البوليساريو”؟ وكيف يمكن لمنظمة أممية كالأمم المتحدة أن تعتمد في وساطتها على معطيات سكانية مشكوك فيها وغير موثوقة؟
محللون: ما يجري “مسرحية سياسية بامتياز”
وفي السياق ذاته، نقلت “ساحل أنتليجنس” عن خبير في الشؤون الجيوسياسية للصحراء، فضل عدم الكشف عن اسمه، قوله إن ما يجري هو “خداع ممنهج باستخدام عناصر من خارج النسيج الصحراوي لتضخيم الصورة الشعبية لـ”البوليساريو” أمام أنظار المجتمع الدولي”. وهو ما يصفه محللون بالمسرحية السياسية بامتياز، التي تدار بتنسيق مباشر مع النظام العسكري الجزائري.
على الجانب الآخر.. المغرب يكرس السيادة بالتنمية
وفي المقابل، يواصل المغرب تنفيذ مشاريع هيكلية كبرى في الأقاليم الجنوبية، تشمل البنى التحتية والاستثمار والتعليم والسيادة الطاقية، إلى جانب مشاركة سياسية فعالة للصحراويين داخل مؤسسات الدولة. هذا التحول التنموي العميق، كما يشير العديد من الخبراء، يرسخ واقعا لا رجعة فيه لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وسط اعتراف دولي متزايد.
وحمل التقرير بعثة “المينورسو” مسؤولية الصمت، أو في أحيان كثيرة، التواطؤ غير المباشر، بسبب اعتمادها على مشاهد مصطنعة دون إجراءات تحقق فعلية. وطالب العديد من الفاعلين السياسيين والحقوقيين بضرورة إجراء تدقيق دولي مستقل وشفاف في المعطيات الديموغرافية بمخيمات تندوف، كخطوة أساسية لتصحيح مسار النقاش الأممي حول ملف الصحراء المغربية.
إن “خدعة الأرقام” لم تعد تقنع أحدا، والمجتمع الدولي مدعو أكثر من أي وقت مضى لإعادة النظر في أدوات تقييمه، والانتصار للحقيقة على حساب مناورات سياسية فقدت صلاحيتها.
تعليقات 0