الأحزاب السياسية.. غموض واختلالات الصرف
تتصرف في مال الدولة كما يتصرف الوالد في إرث والده وليس عبر القنوات القانونية

تسيير وتدبير مالية الأحزاب السياسية من الواجب الأخلاقي والسياسي والقانوني أن يمر عبر قنوات قانونية وأن يترك آثارا معتمدة، لا أن تتصرف هذه الأحزاب في المال كما يتصرف الوارث في إرث والده، يوزعه يمينا وشمالا غير مبال.
هل ستظل هذه الأحزاب دائما وكل سنة في حاجة لمن يعيدها لجادة الصواب؟ هل تنتظر بشكل متواصل أن يتدخل المجلس الأعلى للحسابات ليقدم لها التوصيات، التي، في نهاية المطاف، تنحرف أحزاب عن التقيد بها، لانشغالها بهمومها التي لا تخرج عن التنافس والتباري والاقتتال حول المقاعد النيابية وطنيا وإقليميا وجهويا؟
مئات الملايين بدون مبررات ثبوتية
فما عسانا نقول عن أحزاب كبرى تصرف مئات الملايين بطرق مختلة وتفتقد لمبررات ثبوتية. أحزاب صرفت ما يقارب 1.8 مليون درهم تقول وثائقها المحاسباتية إنها وجهت للأجور والمنح والتعويضات، لكنها لم تقدم الوثائق القانونية المطلوبة مثل عقود العمل، محاضر الشروع في العمل، أو نسخ من بطاقات الهوية، في خرق مباشر للمخطط المحاسبي الموحد للأحزاب. إذن ما السر في غموض الصرف؟
ما أحوجنا وبشكل دائم لمجلس مثل المجلس الأعلى للحسابات، الذي بفضل حنكة وتمرس وتخصص المشرفين على تسييره وتدبيره، يعيدون أحزابا لجادة الصواب، بعد أن انحرفت محافظها المالية، أو زاغت في ظرف من الظروف عن سكة الصرف الصحيح والقويم والواضح، بل حتى مصادر توصلها بالأموال تكون كذلك.
اختلالات وعدم احترام لمبادئ الشفافية
قضاة المجلس الأعلى للحسابات كشفوا وجود اختلالات متعددة تتعلق بعدم احترام مبادئ الشفافية والمحاسبة. ومبالغ مالية منحتها الدولة لتمويل الحملات الانتخابية غاب ذكر العمليات المفصلة بشأن صرفها. عقارات تستغلها أحزاب وصرفت عليها مبالغ مالية من ميزانية الحزب سواء باقتنائها أو إعادة إصلاحها لكنها لا زالت لم تقم بعمليات تحويل الرسوم العقارية من بائعها ومفوتها للمالك الجديد. العملية من غير المستبعد أن تكون محاطة بغموض، إنه غموض الصرف.
غموض الصرف المالي
ولازالت أحزابنا تخلط بين الشخص المعنوي والشخص الذاتي لدرجة أن مبالغ مالية يتم تبريرها بأسماء أشخاص عوض الحزب. وما يزكي غموض الصرف المالي لبعض أحزابنا صرفت مبالغ مالية ضخمة خارج الآجال القانونية للحملات الانتخابية أو دون وثائق إثبات لذلك، أموال صرفت خارج الحيز الزمني المبرمجة والموجهة له.
عندما ينشر المجلس الأعلى للحسابات غسيل بعض الأحزاب الغامضة الصرف لا على مستوى تلقيها لدعم أو لصرف غير مبرر، كيف سينظر لها الناخب المغربي وهي الغارقة في الاختلالات والنواقص والغموض في الصرف.
على هذه الأحزاب أن تغسل ثوبها مما علق به لتظهر بوجه صاف أمام الناخبين قبل أن تحاول إقناعهم ببرامجها السياسية والتنموية والاجتماعية.


تعليقات 0