اندلع جدل سياسي حاد داخل مجلس النواب، بعدما فجرت مناقشات لجنة القطاعات الإنتاجية خلافا حادا بين فرق الأغلبية والمعارضة، على خلفية تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق بشأن دعم الدولة لمستوردي اللحوم الحمراء والمواشي.

وكشفت مصادر برلمانية أن رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، دخل على خط هذه الأزمة، محاولا لعب دور الوسيط لتهدئة الأوضاع بعد انسحاب جماعي لبرلمانيي المعارضة احتجاجا على ما اعتبروه “محاولة لطمس معالم الحقيقة”، عبر استبدال لجنة تقصي الحقائق بلجنة استطلاعية تفتقد لصلاحيات الزجر والمتابعة القضائية.

انسحاب المعارضة واتهامات بالتواطؤ

وجاء انسحاب المعارضة من جلسة لجنة القطاعات الإنتاجية بعد تمرير الأغلبية البرلمانية لمقترح تشكيل لجنة استطلاعية فقط، في حين كانت المعارضة تطالب بإحداث لجنة تقصي الحقائق، معتبرة أن الدعم المخصص لاستيراد المواشي لم يترجم إلى انخفاض في أسعار اللحوم، بل بالعكس، شهد السوق ارتفاعات قياسية، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى.

واتهم نواب المعارضة خصومهم في الأغلبية بمحاولة حماية مصالح “محظوظين” من كبار المستوردين، متسائلين عن مصير ملايين الدراهم التي صرفت دون أثر إيجابي على القدرة الشرائية للمواطنين، أو ضمان شروط السلامة الغذائية.

اللجنة الاستطلاعية مقابل لجنة التقصي

رغم تبريرات الأغلبية، فإن المعارضة ترى في اللجنة الاستطلاعية مجرد آلية شكلية تصدر توصيات غير ملزمة ولا يمكن تفعيل نتائجها أمام القضاء، بعكس لجنة تقصي الحقائق التي تخول لها القوانين صلاحية الإحالة القضائية في حال وجود شبهات جنائية أو اختلالات جسيمة.

وتخشى بعض الأصوات داخل البرلمان من أن تؤدي التحقيقات إلى الكشف عن وجود “شناقة” يتحكمون في سوق المواشي، ما قد يفتح الباب أمام إحالات قضائية، وهو ما تحاول الأغلبية تجنبه بتفضيل اللجنة الاستطلاعية.

الطالبي العلمي يبحث التهدئة وجمع الفرقاء

وفي ظل تصاعد التوتر، يعمل الطالبي العلمي على تنظيم اجتماع خلال الأيام المقبلة يضم مكونات الأغلبية والمعارضة، بهدف خلق توافق سياسي يسمح بتشكيل مهمة برلمانية تحظى بموافقة الطرفين، وتمارس صلاحياتها في مناخ من التعاون، دون التأثير على السير العادي للمؤسسة التشريعية.

وينتظر أن يعيد هذا الملف النقاش حول فعالية أدوات الرقابة البرلمانية، بين من يطالب بتعزيز استقلالية اللجان البرلمانية، ومن يرى أن التجاذب الحزبي يفرغها من محتواها، خصوصا حين تتقاطع مصالح الأغلبية مع توجهات السلطة التنفيذية.