في ظل ظرفية إقليمية حساسة وتغيرات جيوسياسية متسارعة، عاد ملف سبتة ومليلية المحتلتين ليطفو مجددا على سطح العلاقات المغربية الإسبانية، بعدما رصدت تحركات عسكرية غير معتادة للجيش الإسباني داخل المدينتين المحتلتين، في خطوة أثارت انتباه مراقبين اعتبروها بمثابة تصعيد محسوب.
ووفق ما أكدته هيئة الأركان العامة للدفاع في مدريد، تم إرسال وحدات جديدة من الجيش الإسباني إلى سبتة ومليلية المحتلتين خلال الأيام الماضية، بغرض تنفيذ ما وصفته بـ”مهام مراقبة وردع” في مواقع استراتيجية تشمل أيضا الجزر الجعفرية وصخرتي بادس والحسيمة، الخاضعة للسيطرة الإسبانية رغم قربها الشديد من السواحل المغربية.
وتضم هذه التحركات، حسب ما أوردته صحيفة El Debate، عمليات ميدانية قامت بها وحدات من “الفوج العاشر للفرسان – ألكانتارا” في مليلية، إضافة إلى مناورات تكتيكية نفذتها “المجموعة التكتيكية” في سبتة، بهدف “حماية المواطنين الإسبان وضمان أمن التراب الوطني”.
مدريد تنهج “ردعا استباقيا” في ظل تغير التوازنات
تحليلات استراتيجية ربطت هذا التحرك العسكري بما وصف بـ”سياسة الردع الاستباقي” التي تباشرها إسبانيا، في ظل اشتداد التوترات في منطقة غرب المتوسط وتبدل موازين القوى بشمال إفريقيا. كما أن الدور المغربي المتنامي في ملفات المتوسط وتعزيز شراكاته مع قوى كبرى، يدفع مدريد إلى إعادة تموقعها في مواقع ذات رمزية تاريخية وأهمية جغرافية.
رغم هذا التصعيد، اختارت الرباط عدم التعليق رسميا على الخطوة الإسبانية، مفضلة ما وصفه مراقبون بـ”الصمت الاستراتيجي”، لكنها لم تتزحزح عن موقفها الثابت بخصوص السيادة على سبتة ومليلية والجزر المحتلة، وهو ما أكدته مرارا باعتبار أن الملف لا يزال مفتوحا وسيظل كذلك إلى حين تسويته بشكل عادل.
سبتة ومليلية.. ملف قديم بصيغة جديدة
وبين التصعيد العسكري والتصعيد الشعبي، يجد ملف سبتة ومليلية نفسه مرة أخرى في قلب التجاذب المغربي الإسباني، في لحظة سياسية دقيقة تتطلب من الطرفين الحذر، ومن المغرب استمرار اليقظة والتعبئة الذكية دفاعا عن سيادته ووحدة أراضيه.

