لفتيت يوقف العمل بالرخص الاستثنائية لأراضي الدولة
تعليمات صارمة لضبط الاستثمار ومنع تحويل الأراضي العمومية إلى مشاريع عقارية مشبوهة

في تحرك حاسم ضد تنامي ظاهرة التحايل على القوانين واستغلال الرخص الاستثنائية لتحويل وجهة الأراضي العمومية والجماعية من مشاريع استثمارية إلى مشاريع عقارية، أصدر عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، تعليمات صارمة تقضي بوقف العمل بالرخص الاستثنائية، في خطوة تهدف إلى إعادة الانضباط والشفافية إلى مساطر استغلال العقار العمومي بضواحي المدن.
وأكدت مصادر مطلعة أن القرار الجديد يأتي بعد رصد اختلالات واسعة في تدبير هذه الرخص، التي تحولت في كثير من الحالات إلى وسيلة لنهب الأراضي العمومية، عبر تقديم مشاريع استثمارية صورية، يتم تحويلها لاحقا إلى تجزئات سكنية أو عقارات تجارية، خارج أي إطار تنموي حقيقي يخدم الاقتصاد المحلي أو التشغيل.
إيقاف الرخص الاستثنائية وتوجيه الاستثمار نحو التصنيع
وبحسب المعطيات ذاتها، فإن وزارة الداخلية قررت بشكل نهائي منع العمل بهذه الرخص، مع توجيه استغلال الأراضي العمومية، خصوصا تلك الواقعة في محيط المدن الكبرى، إلى استثمارات منتجة وذات قيمة مضافة، وفي مقدمتها المشاريع الصناعية.
ويعد هذا التوجه تحولا جذريا في السياسة العقارية المعتمدة، مقارنة بما كان عليه الحال في السنوات الماضية، حيث كانت الأراضي الجماعية تستغل في أغلب الأحيان لأغراض عقارية لا ترتبط بأي مخطط اقتصادي مستدام.
إجراءات وقائية لردع التلاعب وضمان النجاعة التنموية
ويرتقب أن يواكب هذا القرار إصلاح شامل للمساطر الإدارية المرتبطة بتمرير المشاريع الاستثمارية، وتفعيل آليات مراقبة صارمة لمنع أي محاولة للتلاعب بوثائق التعمير أو تغيير طبيعة المشاريع بعد الحصول على التراخيص.
كما يُنتظر أن تسهم هذه الإجراءات في حماية الرصيد العقاري العمومي من الاستغلال العشوائي، وتعزيز جاذبيته لاستثمارات حقيقية تخلق فرص الشغل وتواكب التحول الصناعي الذي تعوّل عليه الدولة في إطار السيادة الاقتصادية وتوطين الإنتاج.
رسالة واضحة للمنتفعين من “الاستثناء”
ويرى متابعون أن هذه التعليمات تبعث برسالة قوية للمنتفعين من الرخص الاستثنائية، التي كانت تستعمل في كثير من الأحيان كغطاء قانوني لتحقيق أرباح عقارية سريعة، دون اعتبار للمصلحة العامة أو لخصوصيات المجال الترابي.
وينتظر أن تحدث هذه الخطوة قطيعة مع ممارسات الريع العقاري التي راكمت الكثير من الشبهات، وأضعفت الثقة في نجاعة السياسات العمرانية، ما من شأنه فتح الباب أمام مرحلة جديدة قائمة على الشفافية، المسؤولية، والتنمية الحقيقية.


تعليقات 0