في ظل تصاعد التوترات السياسية بين المغرب والجزائر، برزت تقارير استخباراتية أوروبية تحذر من تحركات وصفت بـ”الخطيرة” تنسب لأجهزة تابعة للمخابرات العسكرية الجزائرية على التراب الإسباني، تستهدف الجالية المغربية هناك بأساليب ممنهجة تهدف إلى تشويه صورتهم وخلق أجواء عدائية ضدهم.

وحسب ما كشفه حساب “INTELLIGENCE 24″، المتخصص في الشؤون الأمنية، فإن المخابرات الجزائرية تدير عمليات خفية على الأراضي الإسبانية تسعى لتحريض الرأي العام المحلي ضد مغاربة إسبانيا، عبر تنفيذ أنشطة تتراوح بين التخريب وبث الكراهية باستخدام أدوات دعائية متعددة.

حملة تحريضية ممنهجة ضد الجالية المغربية

وتشير التقارير إلى أن من بين أبرز الأساليب المتبعة في هذه الحملة، كتابة شعارات معادية على الجدران والمركبات، إلى جانب بث رسائل تهديدية باللغة الإسبانية على مواقع التواصل الاجتماعي من حسابات إلكترونية وهمية.

كما تورطت بعض هذه الأنشطة، حسب ذات المصادر، في إلحاق أضرار بالممتلكات العامة والخاصة، على أن يتم لاحقا نسب هذه الاعتداءات عمدا إلى شبان من أصول مغربية، في محاولة لتأليب الشارع الإسباني والسلطات الأمنية ضدهم.

حسابات وهمية باسم “شباب مغاربة”

وتستند الحملة، وفقا للتحقيقات الأولية، إلى حسابات مزيفة على مواقع التواصل، تدعي تمثيل “شباب مغاربة”، وتنشر خطابات عنيفة وتحريضية، تتضمن تهديدات مباشرة للإسبان، وأحيانا دعوات إلى الاحتجاج أو التمرد.

غير أن التحريات كشفت أن هذه الحسابات تدار من خارج إسبانيا، من قبل أطراف تابعة أو قريبة من أجهزة الاستخبارات الجزائرية، أو عبر وسطاء يقيمون في دول أوروبية أخرى.

عمليات تخريبية تستهدف الأحياء المغربية

وشهدت مناطق تضم كثافة سكانية مغربية في مدن إسبانية متعددة، حالات تخريب وكتابات عنصرية على الجدران والسيارات، بهدف إيهام الرأي العام بأن الجالية المغربية تنخرط في سلوك عدائي تجاه المجتمع الإسباني. وتأتي هذه العمليات في سياق محاولة ممنهجة لإشعال التوتر الاجتماعي، وفقا لما أوردته نفس المصادر.

ردود فعل دبلوماسية ومدنية

وأكدت مصادر من داخل الجالية المغربية أن المصالح القنصلية والسفارات المغربية تتابع هذه التحركات عن كثب، وتنسق بشكل مستمر مع الأجهزة الأمنية الإسبانية لرصد أي تطورات قد تهدد الاستقرار المحلي.

وفي الوقت ذاته، دعت فعاليات المجتمع المدني المغربي بإسبانيا إلى عدم الانجرار وراء هذه الاستفزازات، وحثت أفراد الجالية على التعاون التام مع السلطات المحلية والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه، تفاديا لأي تصعيد محتمل.

تصدير التوتر إلى أوروبا

وتأتي هذه الحملة في سياق سياسي مشحون، حيث تشهد العلاقات المغربية الجزائرية توترا مستمرا منذ سنوات. ويبدو أن بعض الأطراف تسعى لنقل هذا الصراع إلى الفضاء الأوروبي عبر استهداف مجتمعات الجاليات، بما يوسع من نطاق المواجهة بطريقة غير مباشرة.

ورغم الجهود الرسمية لاحتواء التوتر على المستوى الدبلوماسي، فإن حرب الظل مستمرة على مستويات متعددة، آخرها استهداف الاستقرار داخل الأوساط التي تعيش فيها الجالية المغربية بإسبانيا، والتي لطالما حرص المغرب على تقديمها كنموذج للاندماج الإيجابي في المجتمعات الأوروبية.