التنمية تغير قواعد اللعبة في نزاع الصحراء
المغرب يراهن على المشاريع الكبرى لتعزيز الاعتراف الدولي

بعد نصف قرن من النزاع، دخل ملف الصحراء المغربية مرحلة جديدة منذ اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة المغرب عام 2020. وفتح هذا التحول الباب أمام موجة واسعة من الاعترافات الدولية، شملت دولا وازنة مثل إسبانيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلى جانب أكثر من مئة دولة تعتبر مقترح الحكم الذاتي الحل “الواقعي والعملي”.
مشاريع استراتيجية في الداخلة والعيون
غير أن ما يميز الاستراتيجية المغربية الجديدة هو الانتقال من خطاب أمني محض إلى رؤية تنموية طموحة. أبرز تجلياتها مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، بكلفة 1.2 مليار دولار، الذي سيشكل بحلول 2029 منصة تجارية تربط إفريقيا بأوروبا وأميركا اللاتينية. يوازيه إنجاز طريق سيار يربط الداخلة بطنجة بقيمة مليار دولار، مع مفاوضات لربطه بدول الساحل غير المطلة على البحر.
وجعلت التحولات الاقتصادية المواقف الأوروبية أكثر وضوحا. ففي رسالة إلى الملك محمد السادس، ربط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقف باريس الجديد بـ”الجهود التنموية والاجتماعية الملموسة في الصحراء”.
بريطانيا بدورها أعلنت في يونيو دعمها لخطة الحكم الذاتي في سياق شراكات اقتصادية متوسعة مع الرباط، خاصة مع اقتراب كأس العالم 2030.
مأساة تندوف وتعقيدات الحل
في المقابل، تظل مخيمات تندوف شاهدة على مأساة إنسانية مزمنة يعيشها أكثر من 170 ألف لاجئ تحت سيطرة البوليساريو، وسط تقارير عن انتهاكات ممنهجة واختلاس للمساعدات الإنسانية. ويرى خبراء أن إدماج هؤلاء اللاجئين عبر شراكات مع المجتمع المدني الصحراوي، خارج هيمنة البوليساريو، سيمنح المبادرة المغربية بعدا أخلاقيا إضافيا.
نحو مخرج توافقي للنزاع
ومنذ 2007، يقترح المغرب حكما ذاتيا موسعا يمنح الأقاليم صلاحيات محلية واسعة تحت سيادته. ومع تزايد الاعترافات الدولية بالمقترح، تبدو مقاربة “التنمية أولا” أكثر إقناعا من خيار “الأمن فقط”، غير أن التحدي الأكبر يبقى في إيجاد صيغة متوازنة تنهي مأساة اللاجئين وترسخ التكامل الإقليمي بعيدا عن صراعات النفوذ.


تعليقات 0