كشف تقرير حديث لمعهد “روك للدراسات الجيوسياسية والأمنية” أن المغرب دخل مرحلة جديدة في صياغة استراتيجيته الاستخباراتية، في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم على المستويين الرقمي والأمني.
واعتبر التقرير أن التهديدات لم تعد محصورة في الإرهاب التقليدي، بل امتدت إلى الفضاء الرقمي عبر هجمات سيبرانية تستهدف البنيات التحتية الحيوية، وأشكال جديدة من التجسس الاقتصادي، وصولا إلى توظيف مقاطع فيديو مزيفة للتأثير على الرأي العام.
من مكافحة الإرهاب إلى مواجهة الخطر الرقمي
ومنذ أحداث الدار البيضاء سنة 2003، التي أودت بحياة 45 شخصا، اعتمد المغرب القانون 03-03 الذي شكل أساس التشريعات المرتبطة بمحاربة الإرهاب. وخلال العقدين الماضيين تمكنت الأجهزة الأمنية من تفكيك أكثر من ألفي خلية إرهابية، ما عزز سمعة المغرب كفاعل إقليمي في مكافحة التطرف.
غير أن التحديات الراهنة، بحسب التقرير، تفرض على المملكة إعادة النظر في أدواتها الاستخباراتية لتشمل الفضاءات الرقمية التي باتت مسرحا رئيسيا للجريمة المنظمة.
الذكاء الاصطناعي في خدمة الأمن
ويشدد التقرير على ضرورة إدماج الذكاء الاصطناعي في العمل الاستخباراتي، خصوصا في تحليل الكم الهائل من البيانات المنتشرة عبر الإنترنت ورصد المؤشرات المبكرة للتهديدات. كما أوصى ببلورة إطار قانوني يضمن شفافية عملية جمع المعلومات ويوضح أهدافها وأساليبها والجهات المسؤولة عنها، بما يحقق التوازن بين الفعالية الأمنية واحترام الحقوق والحريات.
ولمواجهة الجرائم العابرة للحدود، دعا التقرير إلى إدخال مفهوم “سلسلة الحفظ الرقمية” في القانون الجنائي، بما يضمن سلامة الأدلة الرقمية أمام القضاء. كما اقترح وضع ضوابط خاصة لحماية القطاعات الحساسة كالنقل والطاقة والصحة والمالية، وتنظيم تدريبات سنوية لمحاكاة الهجمات السيبرانية بمشاركة مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.
رؤية نحو 2030
وخلص التقرير إلى أن تحديث المنظومة الاستخباراتية لا يقتصر على الجوانب التقنية فقط، بل يمثل استثمارا استراتيجيا في تعزيز شرعية الدولة ومصداقيتها ومرونتها أمام التحديات المقبلة. واعتبر أن أجهزة الاستخبارات المغربية ستظل في قلب رؤية المملكة لمواجهة التهديدات المتطورة مع اقتراب أفق 2030.

