Site icon H-NEWS آش نيوز

الطنز السياسي.. بنسعيد يستغل غضب الشباب لحملة انتخابية مسبقة

المهدي بنسعيد

في خضم الأزمة الاجتماعية التي يعرفها المغرب، وبعد أن خرجت مجموعات من الشباب إلى الشارع للاحتجاج دون ترخيص قانوني، ودون أن يعرف بوضوح الإطار أو الجهة التي دعت لهذه التحركات، اختار وزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بنسعيد، أن يطل على الرأي العام عبر “بوست” فيسبوكي رنان.

لكن المثير أن هذا الوزير، الذي يفترض أنه المعني الأول بمطالب جيل “Z”، لم يتحدث كمسؤول حكومي، بل كسياسي يبحث عن حملة انتخابية مسبقة، متجاهلا أن حزبه “الأصالة والمعاصرة” هو أحد أركان الأغلبية الحكومية.

من الاحتجاجات إلى الدعاية الحزبية

وبدل أن يتحمل مسؤوليته كوزير للشباب، ويطرح حلولا عاجلة في قطاعات التعليم والتشغيل والصحة، اختار بنسعيد أن يحول لحظة الغضب الشبابي إلى مناسبة لتسويق حزبه، وكأننا أمام مهرجان انتخابي لا أزمة اجتماعية خانقة. فخطابه كان مليئا بكلمات شعارات الاحتجاجات، “العدالة الاجتماعية، الكرامة، المساواة”، دون أي رؤية عملية أو إجراءات واقعية، ما يكشف أن ما يهمه هو المكاسب السياسية لا هموم الشباب.

مشروع الألعاب الإلكترونية.. أولوية الوزير بدل أولويات الوطن

والمفارقة الصادمة أن الوزير نفسه، الذي يفترض أن ينشغل اليوم بالاحتجاجات الشعبية وإيجاد حلول واقعية، قضى شهورا وهو يسوق لمشروعه المفضل، “الألعاب الإلكترونية”. كأن مشاكل البطالة، ضعف التعليم، وأزمة الصحة يمكن أن تحل ببطولة “إي سبورت” أو منصة رقمية. وتكشف هذه الانشغالات الهامشية عن انفصال تام بين ما ينتظره الشباب من وزيرهم، وبين ما يقدمه هو في الواقع.

تناقض بين المسؤولية والواقع

وكيف يمكن لوزير في حكومة تملك الأغلبية البرلمانية أن يكتفي بخطاب فيسبوكي في مواجهة أزمة تهز البلاد؟ أليس الأجدر به أن يستثمر موقعه داخل مجلس الحكومة لطرح سياسات عاجلة بدل الاكتفاء بالتنظير؟

ما فعله المهدي بنسعيد ليس سوى هروب إلى الأمام، عبر تحويل صوت الاحتجاج إلى مادة للتسويق السياسي. في لحظة دقيقة من تاريخ المغرب، حيث يصرخ الشباب مطالبين بالكرامة والعدالة، كان الأجدر بوزير الشباب أن ينصت جيدا في قاعات الاجتماعات الحكومية، لا أن يختبئ وراء الشعارات في الفضاء الرقمي ويطلق تدوينات باردة على الفيسبوك.

فعلا إنه الطنز السياسي بعينه: شباب يبحثون عن مستقبل، ووزير يوزع عليهم شعارات، وكأن الأزمة مجرد “لعبة” تدار من وراء الشاشة.

Exit mobile version