آش نيوز - الخبر على مدار الساعة - اخبار المغرب وأخبار مغربية

H-NEWS آش نيوز
آش نيوز TV13 ديسمبر 2025 - 22:45

فيديو.. حزب الاستقلال بين ازدواجية المواقف وفوضى الخطاب السياسي

من نزار بركة إلى حفيظة هركاش.. الحزب الذي يتلون مع كل ظرف سياسي

حفيظة هركاش

يبدو أن حزب الاستقلال يعيش مرحلة غير مسبوقة من الارتباك السياسي والتناقض في المواقف، حيث بات يقدم وجوها مختلفة في كل مناسبة، دون بوصلة فكرية واضحة أو خط سياسي منسجم. فبعد أن حاول الأمين العام للحزب، نزار بركة، في الآونة الأخيرة، الظهور بمظهر “المعارض” داخل الحكومة نفسها التي ينتمي إليها، جاء الجدل الذي أثارته المستشارة الجماعية حفيظة هركاش ليعزز صورة حزب تتنازعه الازدواجية والارتجال، خصوصا مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية المقبلة.

نزار بركة.. من وزير إلى “معارض” حكومي

ويرى مراقبون أن الأمين العام لحزب الاستقلال يعيش حالة تماه مع الشارع أكثر من التحالف الحكومي الذي يفترض أنه جزء منه، إذ لم يتردد في انتقاد الحكومة خلال أزمة احتجاجات جيل “زد”، في وقت ينتظر منه تقديم حلول واقعية للشباب بصفته وزيرا في هذه الحكومة.

ويشير متابعون إلى أن هذا التحول في الخطاب يعكس سعي الحزب إلى التموقع انتخابيا أكثر منه دفاعا عن مبادئ، في محاولة لإرضاء الشارع واستمالة الناخبين الغاضبين، ما جعل الحزب يظهر بصورة “الحليف-المعارض” الذي يهاجم الحكومة في الصباح ويدافع عنها في المساء.

خرجات غير محسوبة تضعف مصداقية الحزب

وفي السياق نفسه، جاءت خرجة المستشارة الجماعية عن حزب الاستقلال، حفيظة هركاش، لتؤكد هذا الارتباك، بعد أن أثارت جدلا واسعا بسبب مداخلتها خلال أشغال الدورة العادية لشهر أكتوبر، والتي هاجمت فيها بشدة جمعية “تآزر لمرضى السرطان”، مستخدمة عبارات اعتبرها متابعون غير لائقة ومسيئة لمؤسسة إنسانية.

فقد قالت المستشارة خلال مداخلتها عبارات صادمة من قبيل: “مكيخدموش”، “مكاتستاحقش”، و”كاتهز 33 مليون باطل”، في إشارة إلى الجمعية التي خصص لها المجلس الجماعي للناظور دعما ماليا قدره 33 مليون سنتيم.

غير أنها عادت بعد أيام، في تصريح صحفي محلي، لتبرر كلامها بالقول إن “جمعية السرطان تستحق دعما أكبر مما صادقت عليه الجماعة”، مضيفة أن اعتراضها كان موجها إلى “شخص محدد داخل الجمعية يشتبه في فساده”، وليس للجمعية ككل، وهو ما بدا تناقضا صارخا مع مداخلتها السابقة.

كسر الكرسي.. وكسر هيبة المسؤولية

وإلى جانب هذا التناقض، أثار تصرف المستشارة خلال الجلسة، حين قامت بكسر الكرسي داخل قاعة المجلس، استغراب المتابعين، معتبرين أن هذا السلوك يمسّ رمزية المنصب وهيبة المؤسسة المنتخبة. والأسوأ أنها بررت تصرفها لاحقا بأنه احتجاج على الفساد، لتثبت أن الخلط بين العمل الرقابي والسلوك الانفعالي أصبح سمة مقلقة داخل صفوف الحزب. فبدلا من اللجوء إلى المساطر القانونية لمحاسبة من تشتبه في تورطه، اختارت هركاش التصعيد الشعبوي الذي حول العمل الجماعي إلى مشهد صدامي، وأضر بصورة الحزب أمام الرأي العام.

تجاهل لطبيعة الجمعيات الإنسانية

والمفارقة أن جمعية “تآزر لمرضى السرطان” ليست مؤسسة طبية تتهم بسوء تدبير علاجي أو مالي، بل جمعية إنسانية تعمل على مساندة المرضى نفسيا وماديا في حدود إمكانياتها، وتواجه عجزا ماليا مستمرا بسبب ارتفاع تكاليف العلاج وتزايد عدد المستفيدين في مدينة الناظور. وبدل دعمها ومساندتها، اختارت المستشارة الهجوم عليها بأسلوب حاد، قبل أن تعود لتعلن تضامنها معها، في مشهد يعكس سطحية الخطاب السياسي لبعض المنتخبين المحليين.

وصادق المجلس الجماعي للناظور في الدورة نفسها على تخصيص 33 مليون سنتيم لجمعية “تآزر لمرضى السرطان”، و80 مليون سنتيم لجمعية “التكافل الاجتماعي”، و27 مليون سنتيم لجمعية “شباب الخير للتضامن الاجتماعي”، غير أن الجدل الذي تسببت فيه مداخلة المستشارة غطى على جوهر النقاش العمومي، وحول مسألة الدعم إلى مادة للجدل السياسي والإعلامي.

حزب الاستقلال.. ألوان متعددة وصوت واحد مضطرب

ومن خلال هذه الحوادث المتتالية، يتضح أن حزب الاستقلال يعيش أزمة هوية داخلية، فبعد أن قدم نفسه لعقود كصوت للاتزان والمسؤولية الوطنية، أصبح اليوم يتلون مع كل ظرف سياسي.
فمرة يتقمص خطاب المعارضة من داخل الحكومة، ومرة يهاجم الجمعيات، ومرة يدافع عن قيم التضامن بعد الانتقاد. وهذا الاضطراب السياسي جعل الحزب، في نظر كثير من المراقبين، يفقد بوصلته التاريخية ويغرق في تناقضات تضعف مصداقيته أمام الناخبين.

بين جيل “زد” وجمعية السرطان.. الحكاية واحدة

سواء في أزمة احتجاجات جيل زد أو في قضية جمعية السرطان، يظهر حزب الاستقلال عاجزا عن تبني مواقف منسجمة، إذ يختار النقد بدل الفعل، والخطاب بدل الإنجاز. وينتقد نزار بركة الحكومة التي ينتمي إليها، وعضوة حزبه تهاجم جمعية إنسانية ثم تتراجع، وفي الحالتين النتيجة واحدة، حزب يتهرب من المسؤولية ويغامر برصيده السياسي في زمن لم يعد يحتمل الخطابات المتناقضة.

Achnews

مجانى
عرض