تعصف حالة من الاضطراب بعدد من الجماعات الترابية، إثر تسريبات غير مسبوقة من تقارير أنجزتها لجان التفتيش التابعة للمجالس الجهوية للحسابات بجهات الدار البيضاء–سطات، الرباط–سلا–القنيطرة، مراكش–آسفي، وفاس–مكناس. وكشفت هذه التقارير تحول عدد من الصفقات العمومية إلى رافعة امتيازات شخصية عبر شركات صنعت على المقاس لخدمة مصالح منتخبين ومسؤولين.

شبهات تضارب مصالح وتواطؤ عائلي

وبحسب مصادر مطلعة، فقد رصد قضاة الحسابات معاملات مالية مثيرة للريبة، وشركات مسجلة باسم الأبناء والأزواج والأقارب، في خرق مباشر للقانون التنظيمي 113.14 والتعليمات المتعلقة بتضارب المصالح. كما تم تسجيل تشابه غير اعتيادي في توقيعات المسيرين، وتحويلات مالية تتجاوز الضوابط المعمول بها في النظام البنكي.

وتشير التقارير إلى أن بعض تلك الشركات كانت مجرد غطاء، بينما تنجز الأشغال فعليا عبر المناولة من طرف جهات أخرى، ما يضرب مبدأ المنافسة الشفافة. كما تبين تمرير صفقات حساسة تخص مشاريع ملكية دون احترام مسطرة التأهيل قبل فتح الأظرفة، بما سمح بولوج شركات غير مؤهلة.

اختلالات بالجملة في التسيير والتجهيز

وامتدت التحقيقات إلى ملفات دقيقة تشمل ميزانيات التسيير والتجهيز، فواتير الوقود والأسطول، صفقات الدراسات والعتاد المعلوماتي، وفواتير الماء والكهرباء والاتصالات. ووقفت اللجان على صفقات للنظافة رفضتها سلطات الوصاية بسبب كلفتها المبالغ فيها مقارنة بالخدمات المقدمة على الأرض.

ووفق المعلومات المسربة، لم تتوقف بعض الجماعات عند هذه الاختلالات فحسب، بل تجاوزت تعليمات وزير الداخلية الداعية إلى التقشف وإعطاء الأولوية للنفقات الإجبارية، حيث فتحت اعتمادات لمشاريع غير مستعجلة رغم الأزمة المالية الخانقة.

تساؤلات حارقة حول المحاسبة والمسؤولية

وتطرح هذه التقارير الثقيلة أسئلة جوهرية حول حدود الرقابة، ومسؤولية المنتخبين، وقدرة سلطات الوصاية على وقف هذا الانحراف الذي يمس جوهر الشفافية ويكرس أزمة الثقة بين المواطنين والجماعات الترابية.