عرضت الوكالة الوطنية للمياه والغابات، صباح اليوم (الأربعاء)، نتائج تحيين مخططها التوجيهي الذي سوف يعيد رسم المناطق المحمية بالمغرب، وذلك خلال ورشة وطنية نظمتها بالعاصمة الرباط، في مبادرة تعتبر تقدما هاما نحو تعزيز حماية الموروث الطبيعي للبلاد.

واعتبر عبد الرحيم هومي، مدير الوكالة الوطنية للمياه والغابات، أن هذه الورشة تعتبر خطوة لتجديد التأكيد على التزام المغرب برفع مستوى حماية تنوعه البيولوجي وتعزيز منظومته الإيكولوجية. كما أكد أن هذه المبادرة تندرج في إطار مسار وطني متواصل يهدف إلى تحديث أدوات التدبير البيئي بما يستجيب للتحولات المناخية والبيئية التي يعرفها المغرب.

غابات المغرب 2030

وشدد عبد الرحيم هومي، على أن هذه الورشة نظمت قصد تحيين المخطط الوطني انسجاما مع توجهات استراتيجية تحت عنوان “غابات المغرب 2020-2030″ التي أطلقها الملك محمد السادس، ومع التزامات المملكة الدولية المرتبطة بالإطار العالمي للتنوع البيولوجي”كونمينغ مونتريال”.

وأوضح الهومي، خلال اللقاء نفسه، أن “المخطط التوجيهي الجديد يوفر للمغرب إطارا حديثا وفعالا يقوم على أسس علمية ورؤية ترابية واضحة”، مضيفا ان المغرب اليوم يضع أسس جيل جديد من تخطيط المناطق المحمية، بما يخدم أهداف الحماية والتنمية المستدامة.

التكيف والصمود في مواجهة التغيرات المناخية

وأسفر تحيين المخطط التوجيهي للمناطق المحمية عن إعادة هيكلة عميقة للشبكة الوطنية الخاصة بالمناطق المحمية، إذ أظهرت النتائج تقدما واضحا، يتمثل في الانتقال من 154 موقعا ذا أهمية بيولوجية وإيكولوجية إلى 197 موقعا وتوسيع المساحة المصنفة ذات القيمة البيئية من 2,5 مليون هكتار إلى 7,6 مليون هكتار.

وتعتمد المقاربة الجديدة أيضا على مفهومي الترابط البيئي والممرات البيولوجية، باعتبارهما ركائز أساسية لتعزيز قدرة النظم البيئية على التكيف والصمود في مواجهة التغيرات المناخية، حسب ما جاء في عرض نتائج المخطط.

النظام المعلوماتي للتراث الطبيعي

ومن بين أهم المكتسبات المسجلة، إحداث النظام المعلوماتي للتراث الطبيعي (SIPN)، وهي منصة رقمية مخصصة لجرد وإحصاء الأصناف وموائلها الطبيعية والرصد والتتبع الإيكولوجي ودعم اتخاذ القرار عبر توفير معطيات موثوقة ومحينة رهن إشارة الفاعلين الوطنيين. كما يسهم هذا النظام في تعزيز قدرات التتبع ودعم الحكامة الترابية وضمان التدبير المستدام للموارد الطبيعية.

وتم تنفيذ تحيين المخطط التوجيهي في إطار برنامج “غابتي حياتي”، الممول من طرف الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، وبتأطير تقني من خبراء فرنسيين. وبفضل هذا المخطط التوجيهي الجديد للمناطق المحمية، أصبح المغرب يمتلك مرجعا محينا لتخطيط وتدبير وتثمين مناطقه المحمية. وهو ما يعزز ويسير قدما بالطموح الوطني للحفاظ على الموروث الطبيعي إلى جانب دعم التنمية المستدامة على صعيد مختلف مناطق المغرب.

حماية الثروات الطبيعية الوطنية

وإلى جانب الحضور الوطني، فقد شارك مجموعة من الأجانب، ممثلين في كل من كاثرين بونو، مديرة الوكالة الفرنسية للتنمية، إلى جانب خبراء وفاعلين مؤسساتيين معنيين بمجال المحافظة على الطبيعة. وكانت الورشة فضاء للتفاعل الإيجابي والنقاش المثمر والتنسيق حول أفضل السبل بشكل تشاركي لتطوير شبكة المناطق المحمية وجعلها أكثر فعالية واستدامة.

وتراهن الوكالة الوطنية للمياه والغابات، من خلال هذا المشروع، على إرساء رؤية أكثر حداثة ونجاعة تضمن حماية الثروات الطبيعية الوطنية وتعزيز دور المغرب في الجهود العالمية للمحافظة على البيئة.