دخل ملف منطقة القبائل مرحلة غير مسبوقة، بعدما أعلنت حركة “الماك” استعدادها لإعلان ما تصفه بالاستقلال الرمزي في 14 دجنبر 2025، وهي خطوة، وإن وصفت بالرمزية، إلا أنها دفعت السلطة الجزائرية إلى رفع منسوب الحذر والتعامل معها كتحول سياسي محتمل لا يمكن الاستهانة به.
قلق رسمي رغم خطاب الإنكار
الإجراءات الأمنية المشددة التي رصدت في مدن القبائل، من فرض مظاهر السيادة إلى تعزيز الانتشار الأمني، تعكس خشية حقيقية من تحركات ميدانية، خصوصا في منطقة عرفت بمقاطعتها الواسعة للاستحقاقات الانتخابية منذ 2019، في تعبير صريح عن القطيعة مع السلطة المركزية.
ويؤسس أنصار تقرير المصير مطالبهم على قراءة تاريخية تعتبر القبائل فضاء مستقلا قبل إخضاعه العثماني ثم الفرنسي، وتستحضر مقاومات محلية وكيانات سياسية سابقة، معتبرين أن ضم المنطقة تم دون موافقة مؤسساتها التقليدية.
من أزمة الهوية إلى الصدام السياسي
وبعد الاستقلال، تفجرت أزمة الهوية داخل الحركة الوطنية، خصوصا مع رفض الاعتراف بالمكون الأمازيغي، وهو ما قاد إلى مواجهات سياسية ثم عسكرية، كان أبرز رموزها الحسين آيت أحمد، الذي شكل معارضته للنظام أحد أعمدة الذاكرة السياسية القبائلية.
شكل “الربيع الأسود” سنة 2001 نقطة انعطاف حاسمة، بعدما واجهت الاحتجاجات الشعبية بقمع دموي، ما عمق فقدان الثقة في الدولة، وفتح الباب أمام خطاب تقرير المصير كخيار بديل عن الإصلاح من الداخل.
تدويل القضية والرهان المقبل
مع تأسيس حكومة في المنفى وتقديم مذكرات إلى الأمم المتحدة، انتقلت حركة “الماك” من الفعل المحلي إلى الساحة الدولية، ليأتي إعلان الاستقلال الرمزي كتتويج لمسار طويل، قد لا تكون تداعياته رمزية فقط، بل بداية فصل جديد في العلاقة المتوترة بين القبائل والدولة الجزائرية.

