توتر فرنسي-جزائري بسبب قائمة مهاجرين جزائريين صنفتهم باريس خطرين
فرنسا تضغط على الجزائر وقائمة بأسماء جزائريين "خطيرين" على الطاولة

في تصعيد جديد للأزمة بين باريس والجزائر، أعلن وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، أن بلاده تعتزم تقديم قائمة تضم مئات الأشخاص المصنفين كـ “خطيرين”، مطالبة الجزائر باستعادتهم في أقرب وقت ممكن. ويأتي هذا التحرك في إطار نهج أكثر صرامة تتبعه الحكومة الفرنسية في ملف الهجرة والأمن الداخلي.
وخلال مقابلة مع قناة “بي أف أم تي في”، شدد ريتايو على أن فرنسا ملتزمة بموقفها المتشدد في التعامل مع قضايا الهجرة غير النظامية، مؤكدا أن هذه الخطوة تمثل “لحظة الحقيقة” لاختبار مدى استعداد الجزائر للتعاون. وأضاف قائلا: “سنقدم للجزائريين قائمة بعدة مئات من الأشخاص الذين تأكدت هويتهم كمواطنين جزائريين ويشكلون تهديدا للأمن العام”.
تهديد بإلغاء الامتيازات الممنوحة بموجب اتفاقيات 1968
وفي حال رفض الجزائر التجاوب مع الطلب الفرنسي، لم يستبعد وزير الداخلية اللجوء إلى إجراءات أكثر حدة، بما في ذلك إعادة النظر في اتفاقيات 1968، التي تمنح الجزائريين امتيازات خاصة فيما يتعلق بالإقامة والتنقل في فرنسا. كما أشار إلى أن بلاده ستتخذ جميع التدابير الضرورية لحماية أمنها القومي.
ويأتي هذا الإعلان عقب اجتماع حكومي رفيع المستوى تناول ملف الهجرة، حيث طالب فرانسوا بايرو، زعيم تيار الوسط، بمراجعة الاتفاقيات المذكورة في غضون شهر إلى ستة أسابيع، ملوحا بإلغائها نهائيا في حال استمرار الجزائر في رفضها استقبال المرحلين.
حادثة ميلوز تعمق التوتر بين باريس والجزائر
وجاء التصعيد الفرنسي بعد حادثة طعن في مدينة ميلوز، تورط فيها مهاجر جزائري كان قد صدر بحقه 14 قرار ترحيل سابق، لكن الجزائر لم تتجاوب مع المطالب الفرنسية باستعادته. وأثارت الحادثة ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية الفرنسية، ما دفع وزير الداخلية إلى التحذير من تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل، قائلا: “لا يمكننا أن نتحمل مسؤولية وقوع هجمات مماثلة، وعلى الجزائر تحمل مسؤولياتها كاملة”.
إجراءات تصعيدية ضد الجزائر
في إطار الرد الفرنسي المتدرج، كشف ريتايو عن احتمال اتخاذ إجراءات أكثر تشددا، من بينها إلغاء الإعفاءات الممنوحة للدبلوماسيين الجزائريين فيما يخص تأشيرات الدخول إلى فرنسا. كما أشار إلى إمكانية فرض قيود على أنشطة شركة الخطوط الجوية الجزائرية، ما يعكس توجه باريس نحو تصعيد الإجراءات التي قد تؤثر على المصالح الاقتصادية والسياسية الجزائرية.
ولم يتوقف التوتر عند ملف الهجرة، فقد أشار وزير الداخلية الفرنسي إلى سلسلة من الخطوات العدائية التي اتخذتها الجزائر ضد باريس في الفترة الأخيرة، بما في ذلك استبعاد الشركات الفرنسية من المناقصات العامة، وإلغاء تدريس اللغة الفرنسية في المراحل التعليمية الابتدائية، وإعادة إدراج عبارات مناهضة لفرنسا في النشيد الوطني الجزائري. كما أكد أن التعاون الأمني بين البلدين بات شبه متوقف، مما يعمق الخلافات السياسية بين الجانبين.
تأثير التوترات على المشهد السياسي الفرنسي
وردا على الانتقادات التي وجهها حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، أشار ريتايو إلى أن هذه الإجراءات الحازمة تعكس نجاح الحكومة في استعادة ثقة الناخبين الفرنسيين. وقال: “لقد أصبح موقفي مصدر قلق للتجمع الوطني، لأنهم يدركون أنني قادر على استعادة الناخبين الذين فقدتهم الأحزاب التقليدية”، مشددا على أن هذا التصعيد سيستمر حتى تحقيق أهداف السياسة الفرنسية في مجال الأمن والهجرة.
ومع استمرار التصعيد بين باريس والجزائر، يبدو أن العلاقات بين البلدين تتجه نحو مزيد من التوتر، خاصة في ظل التهديدات بإلغاء اتفاقيات 1968 واتخاذ تدابير انتقامية أخرى. ويبقى السؤال المطروح، هل ستستجيب الجزائر للضغوط الفرنسية، أم أن المواجهة ستتفاقم لتصل إلى قطيعة دبلوماسية؟
تعليقات 0