آش نيوز - الخبر على مدار الساعة - اخبار المغرب وأخبار مغربية

“مرشيش” .. “مملكة الجن المزعومة”

على بعد كيلومترات من مديونة، ضواحي البيضاء، تقع قرية “مرشيش” الصغيرة والمتربعة على تلة خضراء معانقة للشمس. منظرها الخارجي يوحي بالسكينة كأي قرية في منتصف الربيع، غير أن ما يقع بداخلها هو عكس ذلك تماما، فهي “مملكة الجن” المزعومة، وملاذ المهووسين بالسحر والشعوذة والعالم الآخر. لتقريبكم أكثر مما يقع في “مرشيش”، قامت “آش نيوز” بجولة في المنطقة، كي تنقل لكم أسرار مغارات ملوك الجان وطقوسهم.

على بعد خطوات من مدخل القرية، ترى عشرات النساء يتجهن لأعلى التلة، حيت يقع مدخل “مرشيش”، حاملات القفف، والديكة، وأطباق القش المترعة بشتى أنواع المكسرات، وقنينات ماء الورد، والشموع البيضاء.

لم يكن من السهل علينا كشف خبايا هذه “القرية الشهيرة”، بسبب تحفظ القائمين عليها حول ما يقع بداخلها، وهو ما دفعنا لتقمص دور إحدى زائرات ملوك الجان الموجودين فيها، قصد الزيارة وتقديم القرابين لأحدهم.

عدة الزيارة

للدخول إلى مغارات الجن، يجب على الزائر اقتناء عدة الزيارة من الدكان الوحيد الموجود عند المدخل، وعند سؤالنا عما يجب اقتناؤه، أحضر لنا صاحب الدكان طاقم شموع ملونة وأخرى بيضاء ولتر حليب، وعلبتين من السكر المقروط، وقنينتي ماء ورد، ثم قال “لنيل المقصود، خاصكم تزوروهم (الجان) كاملين، وتدخلو لكل واحد شمعتو الخاصة..هناك تسع خلوات، لكل طقوسها وألوانها… أشعلي الشمعة الصفراء لميرا، الحمراء لحمو، السوداء لميمون، الخضراء لمليكة، والباقي شمع أبيض… بداي منين ما بغيتي”.

زبائن وجان مختلفون 

غير بعيد عن الدكان، تجلس النساء في شبه مقهى خارج المغارة، يلف بعضهن لفافات الحشيش علنا، والبعض الآخر يدخن السجائر متشاركات الحديث حول همومهن، ومنهمكات في تحضير أطباق الزيارة، بينما تصطف الزبونات الراقيات على أريكة بالية، يرتشفن القهوة في انتظار قدوم الجزار لذبح القرابين التي أتين بها، ويتجاذبن الحديث حول ليالي “الحضرات” التي ينظمنها بالقرية، تميزهن من مجوهراتهن الذهبية، ومفاتيح السيارات الفخمة التي يضعنها على الطاولة، كمظهر “للبرستيج”، كما يحظين بمعاملة خاصة من قبل القائمين على “مرشيش”.

انتقلنا بعد ذلك لزيارة باقي المغارات، مرورا بخلوة “عايشة” و”عايشة السودانية”، وأولاد خليفة، والمجمع، وميمون، الذي يتربع أسفل مغارته “شيخ” في عقده الخمسين، يرتدي جلبابا أسود، ويحيط نفسه بالنساء اللواتي يصلين على النبي ويزغردن، بينما ينشغل بتحضير “الشقوفة”، ثم خيمة “البوهالي”، المعروفة بهدايا “الكسكس”، أو ما يسمى بـ”قصرية البوهالي”، التي تعد بطريقة خاصة وتهدى لزائري الخيمة، وأخيرا خلوة “مليكة”، التي استوقفنا بها منظر النساء المتجمعات بغرفة خضراء لا مغارة فيها، يرقصن ويدخن بكل طمأنينة، مرددات الأهازيج الغنائية الشعبية، بدعوى أن الجنية مليكة، تعشق “النشاط”، وتلزم اللواتي تتلبسهن على ممارسة تلك الطقوس.

الفتوح لكل “خلوة”

“الفتوح” تذكرة الدخول لكل مغارة صخرية من المغارات التسع، أو ما يسمى بـ”الخلوات”، حيث يجلس “حراس الجن”، أولهم عجوز شمطاء بخلوة “ميرا”.

ما إن وطأت أقدامنا المغارة الصفراء لـ”ميرا”، حتى فاجأتنا العجوز بصوت أجش “الفتوح أختي”، ثم أشارت بنظرتها لطبق القش الموجود على طاولة بجانبها، والمليء بالأوراق النقدية الخضراء والبنفسجية، فدسسنا في يديها قطعة نقدية من فئة 10 دراهم، نظرت إليها باشمئزاز ثم وضعتها بالطبق وولت وجهها ناحية “زبونة” يبدو من مظهرها الأنيق أنها ميسورة، “مرحبا بيك لالة.. زارنا الخير والبركة”، وانتفضت من مكانها لتتسلم طبق الزيارة الذي أتت به السيدة هدية للجنية “ميرا”.

عند أسفل درج مجاور لمغارة “ميرا”، تقع غرفة الجني “حمو”، أخو “ميرا” الذي يعشق الدم، كما أوضح لنا شاب من المنطقة، ينصب نفسه حارسا لـ “خلوة حمو”، المميزة بلونها الأحمر وفضائها المظلم، وينصح كل زائرة بـ “تقديم القرابين للجان وزيارة كافة الخلوات، بداية بالخيمة الزرقاء (الخاتم)، ثم ميرا وحمو، والمجمع، وأولاد خليفة، وعايشة، وميمون، والحاجة مليكة، والبوهالي… والكمال على الله”.

ولولا نزعة التحرش التي تدفع الشاب العشريني للتقرب من كل زائرة، على أمل الحصول على رقم هاتفها، لما أفصح لنا عن بضع معلومات خلاصتها أن لكل جني شعائره الخاصة، “حمو يبغي الدم… ميرا تبغي النشاط والزهو.. مليكة زهوانية تبغي العكر والماكياج.. ميمون .. هو الصعيب، اللي كيدير العريض والمانع والنحس”، مشيرا إلى أنه نوع من الجن العاشق، الذي يمنع الزواج على النساء اللواتي يتلبسهن.

قرابين للجن باسم الله

خلال جولتنا بمرشيش، لاحظنا أن جل الزائرين يقدمون الهدايا والقرابين للجن، كي يبعدوا عنهم الأذى أو يعينونهم على تيسير أمورهم، بينما يذكرون اسم الله عند كل ذبيحة. كما يدخلون رؤوسهم إلى المغارات الصخرية حيث يقبع ملوك الجان، حسب اعتقاداتهم، لطلب متمنياتهم مع رش العسل الحر والعطور والحليب بداخلها، ثم يسبقون دعواتهم بـ “يا رب”.

هذه المفارقة العجيبة دفعتنا لسؤال أحد الرجال المنزوين بأركان الخيمة الزرقاء، أو “المحكمة” كما يسميها البعض، عما يأمله من زيارته لها، فأجاب بيقين ظاهر “ولفت نذبح ونزور باش يعطيوني.. إلا ماذبحتش ليهم كيعكسو ليا جميع أموري”.

وعما إذا كانت زيارته تعد شركا بالله، أردف المتحدث ذاته قائلا “أبدا .. أنا أؤمن بالله، والجن مرسال يتوسطون لي عند الله، لطلب ما أريده.. فإذا أكرمتهم، يكرمونني ويحرصون على قضاء حوائجي، أما إذا أهملتهم فيغضبون، ويا ويلي من غضبهم”.

من جهتهن، انهمكت النساء اللواتي قدمن لزيارة “المحكمة”، في القيام بدورات عبر فتحات المغارة الموجودة هناك، وهن يجثين على ركبهن مصدرات أصواتا عجيبة، شبيهة بالتجشؤ، في منظر يعكس طقوس زيارة لـ”الخيمة الزرقاء”.

 

تابعوا آخر الأخبار من آش نيوز على Google News

مواضيع ذات صلة

26 يوليو 2024 - 23:59

ريم فكري: درت التنويم المغناطيسي باش نسا واقعة راجلي

26 يوليو 2024 - 23:00

سعد لمجرد يعلن عن “ديو” مغربي مصري

26 يوليو 2024 - 22:00

تفاصيل اجتماعات هامة بالرباط حول مشروع الغاز بين المغرب ونيجيريا

26 يوليو 2024 - 21:30

بسمة بوسيل: أول أغنية مغربية في الألبوم ديالي قريبا

26 يوليو 2024 - 21:00

تقرير: ارتفاع مقلق في معدل البطالة بين الشباب في المغرب

26 يوليو 2024 - 20:30

الجامعة الوطنية للصحة تصعد الإضراب وتطالب بحقوق الموظفين

26 يوليو 2024 - 20:00

هذه حقيقة فرض غرامات على “الطاكسيات” في حالة رفض نقل الزبناء

بوزوق لاعب الرجاء

26 يوليو 2024 - 19:00

الرجاء ينهي خلافه مع بوزوق

التعليقات 0

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر :عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

Achnews

مجانى
عرض