شدد عبد الرحيم كسيري، باحث في المناخ والتنمية المستدامة، على ضرورة إيقاف عمليات غرس النخيل بشوارع المدن، عوض الأشجار، لما فيها من تعسف على بيئتها وجماليتها، دون أي فائدة إيكولوجية أو بيئية أو اقتصادية تذكر.
وأوضح الكسيري، في تصريح لموقع “آش نيوز” أن “تنخيل الشوارع يتم عادة في تلك التي تكون مكتظة وذات حيز فضائي مغلق، لأنها لا تتسبب في إعاقة السير أو حجب الرؤية، بفضل جذعها العمودي الطويل وجذورها التي لا تكسر الشوارع، ولكن المشكل أن هذا الاختيار تم تعميمه على كافة الشوارع التي لا تعاني مشاكل في المساحة والرؤية، وهو ما رفع الطلب عليها، وحولها إلى نوع من “البيزنس” المكلف للجماعات الترابية، كما أعطانا نموذجا وحيدا للشوارع”.
قرار عشوائي
أكد الكسيري أن “تكلفة غرس النخيل مرتفعة جدا مقارنة بباقي الأشجار، ما يجعل اختيارها غير منطقي ومبرر، في ظل غياب أي دراسة تقييمية علمية تثبته، بل فقط قرار شخص واحد، تم اعتماده دون نقاش أو تمحيص، والعمل به تباعا بشكل عشوائي”، مضيفا أن “تدبير الفضاء الحضري لا يجب أن يكلف به شخص واحد، سواء كان منتخبا أو تقنيا متخصصا، لأن خياراته قد تكون وراءها مصالح، بل عملية تواصلية تشاركية توافقية، بإشراك مختلف فعاليات المجتمع المدني”.
أدوار حيوية متعددة
قال الكسيري إن “هنالك أنواع متنوعة من الأشجار، متعددة الألوان والأشكال والزهور، الممكن غرسها عوض النخيل، والتي تمنح الشوارع هوية خاصة بها.. والإضافة إلى دورها التجميلي، فالأشجار لها أدوار حيوية أهم، أبرزها توفيرها للظل، بحكم أننا نعيش في بلد حرارته مرتفعة، ثم الرطوبة والمناخ المنعش، وتنقية الهواء من الغبار وملوثات السيارات، التي تعد من أكثر المشاكل التي تعرفها المدن الحضرية، وتؤثر سلبا على صحة سكانها”.
وزاد المتحدث ذاته قائلا “التغيرات المناخية التي نعيشها اليوم، ودرجات الحرارة القياسية التي نسجلها، أضحت تفرض علينا غرس الأشجار للحد من تداعياتها، بتلطيف الأجواء وتظليل المواطنين وسياراتهم، فضلا عن دور أحواضها في امتصاص مياه فيضانات الأمطار، التي تعرفها بعض الشوارع الإسمنتية، وترشيح المياه الجوفية”.
وعن تكاليف العناية بها وتشذيبها، أفاد الكسيري أن “هذه العملية تفرز خشبا ومواد عضوية قابلة للاستعمال، تشكل موضوع مزايدات على أثمنتها من قبل الشركات الراغبة في إعادة تدويرها، والتي تتنافس على الحصول عليها لأنها مدرة للأرباح”، لذلك فهي “لا تكلف الجماعات أي خسائر، بل العكس”.
التعليقات 0