بعدما أفاد تقرير حول النوع الاجتماعي والتمكين في شمال إفريقيا، أصدرته المنصة الأوروبية “موديرن دبلوماسي”، أن المغرب تمكن من إحراز تقدم ملحوظ في ما يتعلق بتمكين المرأة ومنحها العديد من حقوقها، خاصة في المناطق الحضرية، أثار التقرير المذكور إشكالية تتجدد كل سنة، وتتعلق على وجه الخصوص بمدى استقرار المرأة في ميزان هذه الحقوق التي طالما ناهضت النسويات من أجلها.

المعاناة قائمة

تعليقا على ما جاء في التقرير، أكدت الحقوقية إلهام بلفحيلي، في اتصال مع موقع آش نيوز، أن المرأة المغربية اليوم لا زالت تعاني رغم تحقيقها مجموعة من الإنجازات، إذ أن مكانتها في ميزان الحقوق وتكافئ الفرص والمساواة بينها وبين الرجل عرفت تطورا لكنه في غالب الأحيان قد يبدو غير ملموس بما فيه الكفاية.

وأوضحت إلهام بلفحيلي، في الاتصال نفسه، أنه على المستوى التشريعي، بدءا بمدونة الأسرة سنة 2004، فقد حققت المرأة المغربية مجموعة من المكاسب، يمكن القول إنها شكلت نهضة مجتمعية، وتغيرا في مدونة الأسرة برمتها سواء بالنسبة إلى المرأة أو للطفل والزوج، وفي ذات الوقت حققت نوعا من التوازن بين الحقوق والواجبات لكلا الطرفين، إذ استطاعت المرأة أن تفوز بحق الولاية بخصوص زواجها، أي أن تزوج نفسها، كذلك ما يتعلق بإمكانية طلب الطلاق عن طريق الشقاق ومجموعة من الحقوق التي كرست مدونة الأسرة الحقيقية باعتبارها نواة المجتمع.  كما تحدثت الحقوقية إلهام بلفحيلي، عن دستور 2011 وما نص عليه من المساواة بين الرجل والمرأة والسعي نحو المناصفة وخلق هيأة للمناصفة.

 خطوات مهمة

من جهة أخرى، أشارت إلهام بلفحيلي، إلى أن المغرب صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية ورفع مجموعة من التوصيات خاصة فيما يتعلق بمكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة، إذ هناك كذلك قانون محاربة العنف ضد النساء، والذي يبقى خطوة مهمة نحو تجريم العنف بشكل نهائي. وأشارت إلى القانون المؤطر للأحزاب السياسية الذي أصبح ينص على تخصيص كوطا معينة في الأجهزة التسييرية والتنفيذية، وكذلك نظام الكوطا في قانون الانتخابات سواء تعلق الأمر بمجلس النواب أو المستشارين أو على مستوى المجالس الجهوية والإقليمية والمحلية، وبالتالي أصبحت المرأة اليوم موجودة بقوة وأفضل مما كانت عليه من قبل. 

إحصائيات صادمة

واستطردت إلهام بلفحيلي قائلة إن تواجد المرأة المغربية في الساحة السياسية الآن أصبح يعطي أكله على مستوى القوانين وعلى مستوى تدبير الشأن المحلي وعلى مستوى التشريع داخل قبة البرلمان بغرفتيه، وتواجد المرأة أعطى نكهة جديدة للعمل السياسي، كذلك لا ننسى أن من بين تحديات التنمية لابد من وجود نوع من المساواة الحقيقية بين طرفي هذا المجتمع، فلا يمكن أن نتحدث عن التنمية أو التقدم وعن رقي المجتمع، إذا كان طرف من طرفيه ضعيفا غير قادر أن يعطي الأفضل.

وأضافت إلهام بلفحيلي أنه أمام كل هذه الإنجازات، هناك مجموعة من الإحصائيات الصادمة التي تحيل إلى الشك حول حقيقة بعض المكاسب والإنجازات، وهي الإحصائيات التي تتحدث عن العنف الذي يمارس ضد النساء بشكل يومي، إذ أن عددا كبيرا من النساء لازلن يتعرضن للعنف بشتى أنواعه، وعلى المستوى السياسي أيضا لا زالت الأحزاب السياسية تعتبر مجموعة من النساء مجرد شكل لتزين الصورة، لا على أنها فاعلة سياسية، فأغلبية الأحزاب السياسية يقودها الرجال، وكذلك على مستوى البرلمان نجد أن المناصب الكبرى التي لها تأثير على المستوى التشريعي ينصب فيها الذكور أكثر من النساء.

 وضعية هشة

وتابعت الحقوقية إلهام بلفحيلي قائلة إن وضعية المرأة داخل المجتمع سواء في المدن أو العالم القروي، وضعية هشة خاصة أمام ارتفاع حالات الطلاق، وبالتالي تحمل المرأة مسؤولية الأبناء باعتبارها الحاضنة في غياب تحمل الرجل للمسؤولية، مشيرة إلى أنه على مستوى العالم القروي، لا زالت هناك ظواهر مزرية تعيشها المرأة تتفشى يوما بعد يوم، إذ ما زالت التمثلات المجتمعية أو العقلية الذكورية تطغى بشكل كبير، حسب قولها.