بعد تضامن قوي، عبر عنه المغاربة خلال فاجعة الزلزال، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي مشيدة بالحدث والدرس الذي تمكن المغاربة من تقديمه لمجموعة من الدول، وهذا ما أكده أيضا المحلل الاجتماعي والخبير النفسي، محسن بنزاكور، مبرزا أن هذا التضامن سيتحول إلى تضامن سياسي، بعد أن أعطى الشعب المغربي درسا في مفهوم التضامن كان دافعا قويا لكي يعاد الاعتبار لسكان الجبل.

الأصول القبائلية

وأوضح محسن بنزاكور، في اتصال مع “آش نيوز”، أنه لا يمكن لأي مجتمع كيفما كانت طبيعته، أن يعيش أزمة وفاجعة مثل زلزال الحوز وأن لا تتحرك مشاعره، فبالأحرى المغاربة الذين يعتبرون، من الناحية الأنثروبولوجية، من أصول قبائلية. وبالتالي، لن تجد مغربيا لن يسألك عن الأصل والبلاد. وهذا دليل على التشبث بالأرض والتشبث بالأصول، إضافة إلى تقاسم المصير المشترك.

محسن بنزاكور

وتابع محسن بنزاكور، في الاتصال نفسه، أن فاجعة الزلزال رافقتها حملات تحسيسية وحملات طبية كلها ذات صور عميقة تعكس الحالة المزرية لهذه الفئة الاجتماعية وقساوة البيئة التي تفرضها الطبيعة وتشبتهم مع ذلك بهذه الأرض، فكيف لا يمكن للمغربي أن يساندهم في تشبتهم هذا.

عمق الأمازيغ

وأكد محسن بنزاكور، أن قراءات متعددة تكشف أن الذهاب إلى البر، أي الجبل، عمق الأمازيغ، هو محل أمان واطمئنان وحماية واستقرار لدى المغاربة مند فترة الاستعمار، ولهذا التضامن المغربي مع سكانه ومع إخوانه في ظل هذه الفاجعة يمكن أن نفسره على أنه حماية للأصل وللوطن وللدم.

وتابع محسن بنزاكور موضحا، أن تصريحات سكان الجبل بعد الفاجعة، والتي كان من بينها تصريح لسيدة تقول “كون نتوما لي وقع ليكم الزلزال كون ملقينا منعطيوكم”، تبرز العلاقة التضامنية، مايؤكد أن فكرة التضامن مغروسة في البيئة المغربية الأصيلة.

تضامن صادق

وأشار محسن بنزاكور، أنه رغم بعض القطائع الثقافية بين سكان المدينة وسكان الجبل، إلا أن هذه الفاجعة وهذا التضامن، أعاد الاعتبار إلى مجموعة من الأسس كالتي سبق ذكرها، وهي الانتماء ووحدة المصير وروح المواطنة، وأيضا البعد الديني هو الآخر، الذي يعتبر مهما جدا في تكريس هذه العلاقة التضامنية.

وبخصوص الشائعات التي رافقت هذا التضامن، أكد محسن بنزاكور، أنه لم يكن تضامنا من أجل التباهي كما يروج له، وإن كان هناك من يستغل هذه المسألة من أجل التباهي، فالأغلبية كانوا صادقين، والغالبية تبرعوا بدمائهم. وهذا دليل على أن المسألة تتجاوز التباهي الذي أصيبت به بعض الفئات التي لا مجال للحديث عنها.

 مشاهد مؤثرة

ولفتت مبادرات المغاربة خلال فترة الزلزال، وحملة التضامن الشعبي الواسعة مع الضحايا، الانتباه حول مجموعة من القيم، وجعلت الإشادات تتجاوز النطاق الوطني، بعد أن فاجأ المغاربة، بمختلف فئاتهم، العالم، بحملة غير مسبوقة، انطلقت من كل المدن والحواضر والبلدات في اتجاه المناطق المنكوبة، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي ومنصاته بمشاهد مؤثرة، عكست روح التضامن مع الضحايا ووثقت بعض فصوله، كما شهدت المراكز التجارية الكبرى ومحلات البقالة، على امتداد التراب الوطني، إقبالا منقطع النظير لاقتناء كل ما يلزم لمساعدة المتضررين من الزلزال على مجابهة المأساة والحد من تداعياتها.