في معالجة عميقة لظاهرة زواج القاصرات، ناقش الكاتب شكيب جسوس، يوم أمس الخميس 30 نونبر 2023، بالدار البيضاء، مضامين إصداره الأخير “mariages précoces” أي “الزواج المبكر” والذي سلط من خلاله الضوء على عدد من الإشكاليات التي لازالت إلى يومنا هذا تلاحق هذه الظاهرة، بين العنف والسلطة والدين والحالة النفسية للفتاة القاصر.

مصير قاصر

وأشار شكيب جسوس في حديثه عن الكتاب، إلى أن مجموعة من الجهات والقبائل في المغرب، تعتبر الزواج إنقاذا وحلا لوضعية الفتاة التي تشكل عبئا على عائلتها، معتبرا أن الظاهرة محاطة بإشكاليات مادية ونفسية ومعنوية وأخلاقية كالخوف الدائم على “شرف الفتاة”، رغم سنها المبكر، مبرزا أن إصداره الجديد يحلل بشكل دقيق أيضا، تطور الزواج عبر الحضارات بدءا من الحضارة السومرية إلى الحضارة البابلية إلى الرومانية، ثم مع الديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام.

زواج المتعة

وأوضح شكيب جسوس أن كتابه الجديد، هو نسخة مصغرة عما يقع في المجتمع المغربي، رصد فيه وقائع ومظاهر تكتسي طابعا يتمحور بين الجرأة والواقعية، معتبرا زواج القاصرات عنفا يمارس في حق الطفولة، وهو العنف الذي لا يتوقف فقط عند مرحلة الزواج بل يتجلى أيضا في العلاقة الجنسية الأولى بين الطرفين، خاصة أن جسم الفتاة لم ينضج بعد وغير مستعد لهذه الممارسة، حسب رأي الكاتب، الذي ناقش كذلك، خلال الندوة نفسها، إشكالية زواج المتعة والزواج العرفي.

واعتبر شكيب جسوس، في مداخلته أن بعض المسلمين يرون أن أي طرح يعارض زواج القاصرات، ما هو إلا مؤامرة من الغرب ضد الإسلام، وهدفها وقف نسل المسلمين، مشيرا إلى أن أغلبية الشيوخ والدعاة لا يوضحون الصورة بهذا الخصوص لأنهم يؤيدون هذه الظاهرة، وهي مسألة ليست حديثة الولادة، مشيرا إلى أنها منتشرة في المغرب منذ التسعينات أو قبل.

استغلال الأزمات

وفي ارتباط ببعض الظواهر الاجتماعية، أكد شكيب جسوس، أن نسبة ارتفاع الطلاق مرتبطة أيضا بشكل كبير بزواج القاصرات، إذ قال في مداخلته: “شحال ما كان زواج القاصرات شحال ما نسبة الطلاق ارتفعات”.

وفي إشارة لما وقع خلال الأيام الماضية في الحوز بعد الزلزال المدمر، من استغلال للكارثة من أجل الزواج بفتيات المنطقة، كشف الكاتب، أن الآفة تتضح في الأزمات، حيث العائلات تجد في الزوج الملاذ الآمن لتطمأن على بناتها، وفق منطق “السترة .. غطا ليها راسها”، لأن الوضع الاقتصادي يعزز فكرة أن الزواج برجل أكبر سنا هو إنقاذ للفتاة وللعائلة أحيانا.

جدير بالذكر، أن شكيب جسوس باحث في علم الاجتماع والأنثربولوجيا، وطبيب متخصص في الأشعة، ويشتغل منذ زمن على تطور المجتمع التقليدي المغربي، ولاسيما الدفاع عن حقوق الطفل وتمدرسه، والشباب والعزوف عن الزواج، والفقر والإقصاء.