لا حديث بالمغرب وخارجه، منذ أمس الجمعة 22 دجنبر 2023، إلا عن اعتقال سعيد الناصري، رئيس الوداد الرياضي، وعبد النبي بعيوي، رئيس مجلس جهة الشرق، ضمن 23 متهما متابعين بتهم ثقيلة تتعلق بعلاقتهم بنشاط تاجر المخدرات الشهير بـ”إسكوبار الصحراء”، فما هي علاقته بهم؟ وكيف ورطهم بعد سنوات من اعتقاله؟
تعود تفاصيل القضية، وفق ما كشفته صحيفة “جون أفريك“، إلى 2010، حينما شرع الحاج أحمد بن إبراهيم، تاجر المخدرات المزداد سنة 1976 في كيدال بمالي، من أم مغربية وأب مالي، بإجراء معاملات مع منتخب في الشرق، ومسؤولين آخرين في الشمال وزاكورة، شملت توزيع عشرات الأطنان من القنب الهندي في عمليات تتم ما بين ثلاث وأربع مرات سنويا.
حبس موريطانيا
وفي أوج ازدهار تجارته غير المشروعة، تم توقيف بن إبراهيم في سنة 2015 بموريتانيا، وفق ما ذكرته الصحيفة الفرنسية، وحبسه في العاصمة نواكشوط، بعد عملية مطاردة على الحدود مع المغرب، حيث كان على متن سيارة تحمل 3 أطنان من المخدرات ومبالغ مالية كبيرة، لكنه سرعان ما خرج من السجن بدعوى “عدم اختصاص” المحكمة المحال عليها ملفه.
الطمع طاعون
ولأن الطمع طاعون، أسالت ممتلكات “المالي” بالمملكة، من بينها فيلا في الدار البيضاء وشقق في مسقط رأس أمه وجدة، لعاب شركائه المغاربة حين اعتقاله، فاستولوا عليها بطرق ملتوية، شملت تزوير الوثائق والتلاعب بالمستندات، ظنا منهم أن الفترة الصعبة التي مر منها حليفهم بن إبراهيم بموريتانيا، تنذر بقرب تهاوي عرشه بـ”كارتيل الصحراء”، لكن هيهات ثم هيهات لما توعدهم به.
غدر الشركاء
بعد خروجه من سجن نواكشوط، تضيف “جون أفريك“، تفاجأ المالي الذي يقارب عمره الخمسين سنة، بغدر شركاءه المغاربة، لكنه غض الطرف عنهم وسعى لاستعادة نفوذه في المنطقة، ليتلقى صفعة أخرى من قبلهم، لا ندري هل كان دافعها الخوف من ردة فعله وانكشاف سطوهم على ممتلكاته أمام السلطات، أو التجبر عليه بعد استضعافه إثر الشدة التي مر منها.
ويتعلق الأمر، حسب المصدر ذاته، بمكيدة اتهم بن ابراهيم حلفاءه المغاربة بتدبيرها له للإيقاع به في قبضة الأمن المغربي، إذ حجزت عناصر الشرطة في 2019، 40 طنا من المخدرات في محطة استراحة في الجديدة، تم شحنها على متن مركبات تابعة لشركة باعها إلى منتخب الشرق، في إشارة للبعيوي الموقوف، لكن هذا الأخير لم يغير البطائق الرمادية للشاحنات وتركها على اسم المالي، ما قاد لاعتقاله فور وصوله للمغرب.
الوجه الآخر لإسكوبار
وأمام هذه الخيبات المتتالية، لم يجد “إسكوبار الصحراء” وسيلة للانتقام من غدر شركائه سوى نزع جلباب النزاهة عنهم، وكشف وجههم الحقيقي أمام العالم، مجمعا بعناية كافة خيوط القضايا التي تربطه بهم، ومقدما إياها للقضاء في ثماني شكايات ضد البعيوي، في يونيو الماضي، ليتساقط بعدها زملاءه عن عروشهم واحدا تلو الآخر، بعدما خضعوا لهوى النفس ووسوسة الشيطان، ليتحولوا من رجال سلطة إلى متهمين خلف القضبان، متابعين بتهم ثقيلة كالاتجار الدولي في المخدرات وتبييض الأموال وتزوير وثائق رسمية.
من راعي إبل إلى تاجر مخدرات
وعن سيرة الحاج أحمد بن إبراهيم، أفادت تحقيق الصحيفة الفرنسية، بأنه عاش حياة بسيطة مثل أي ابن لراعي إبل، غير أن صدفة لقائه بمشاركين في “رالي باريس دكار” غيرت مسار حياته، وفتحت له الباب للتعرف على مسارات الصحراء وخباياها، في منطقة تتسم بصعوبة السيطرة عليها، ولا تحكمها إلا المساعدات الإنسانية أو تجارة السلاح أو المخدرات.
وتابع المصدر نفسه أن تعميق معرفته بالصحراء، بضبط لهجات القبائل والوقوف على تفاصيل الساحل الإفريقي، جعلته محط اهتمام كبار الأسماء في المنطقة، ومنهم سيف الإسلام القذافي، الابن الثاني للزعيم الليبي الأسبق معمر القذافي وشخصيات أخرى قوية في القارة.
السيطرة على القارة
هذه المكانة والسيطرة التي اكتسبها المالي بالمنطقة، تضيف “جون أفريك“، استغلها في تجارة المخدرات، إذ شرع في استعمال الطائرات الصغيرة لنقل الكوكايين، من أمريكا اللاتينية إلى الغرب الإفريقي، ثم من ساحل العاج والسينغال وغينيا بيساو، ليتمكن بعدها من تحويل كميات كبيرة من المخدرات، برا عبر مالي والنيجر والجزائر وليبيا ومصر، وبحرا عبر السواحل المغربية ثم أوروبا، ويصبح بذلك من أكبر تجار الممنوعات في القارة.
التعليقات 0